نبيلة الفولي: نشأنا في مجتمعات جعلت من علاقتنا بأجسادنا حبيسة الكتابة

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في  المشهد الشعري المصري المعاصر، يظهر حضور الجسد الأنثوي بوصفه ساحةً تتقاطع فيها الأسئلة الوجودية والثقافية والجمالية. 

يتجاوز الجسد في قصيدة المرأة مجرّد استعارة للغواية أو الحنين، كما كان في التراث الشعري العربي، ليطل علينا في صورة ذاكرة حيّة تستعيد عبرها الشاعرات تجارب الألم والولادة والغياب والتحول من خلال القصيدة، تُعيد المرأة المصرية كتابة جسدها المقموع اجتماعيًا والمراقَب أخلاقيًا، لتمنحه لغته الخاصة وقدرته على الشهادة.

غير أن هذا البوح الشعري لا يخلو من المخاطر؛ فثمة خطوط حمراء لا تزال تحاصر القلم الأنثوي، تُرسم باسم التقاليد أو الدين أو الحياء، تحدثنا الشاعرة نبيلة الفولي عن الجسد الأنثوي في قصيدة المرأة، والخطوط الحمراء التي تقوض الكتابة  في التالي:

قالت الشاعرة نيبيلة الفولي إنه بيولوجيا، لكل عضو فى جسم الإنسان، بل لكل خلية ذاكرة ومعلومات خاصة به، تلك الذاكرة هي السبب فى إلحاح العضو أو الجسم وفقًا لما اختزنته ذاكرته من احتياجات، لإعادة إشباعها.

وأشارت الفولي إلى أن طرق التربية فى مجتمعنا من أهم العوائق التى تعطل المرأة عمومًا، والمرأة الكاتبة بعد ذلك.

وترى الفولي: "ربونا على عدم الملامسة، وعلى الكبت، فنشأنا نتعامل مع جسدنا على أنه عدو لنا، وأن احتياجنا للآخر بل واقترابنا منه مًحرم، لذلك نتوارى من الخجل لنسرق لحظات المتعة، فالام لا تحضن أبناءها، والرجل لا يحضن زوجته، فقد ربته امرأة أيضا بنفس النهج، فنشأ وارثًأ للمنهج الذكوري الذي يتعامل مع الأنثى وفق طلباته ورغباته، وإذا أحب لا يتزوج من أحبها فالحُب جريمة أخلاقية يجب أن يُعاقب أطرافها بالحرمان من بعضهم البعض، أو بطرق أكثر عنفًا وقد تصل حد الجريمة، إذن نحن نجهل احتياجاتنا ونجهل أجسادنا، ونخاف مجتمعاتنا، وأفكارنا وأسلوب نشأتنا يجعلنا نغرق فى الجهل ونتفادى مجرد الكلام عنه، بل ونسير عكس اتجاهه.

وأضافت الفولي أن تكميم المرأة من التعبير عن نفسها، وتصدير أن المرأة وعاء لشهوة الرجل جعل منها كائن سلبي مشوه، خائف من المجتمع، كابت لمشاعره، هذا الموروث الاجتماعي اختلط بالموروث الثقافي حد أن الكاتبات يحجمن عن الكتابة فيما يتعذبون به على مستوى الجسد أو الأفكار، وتظل الأفكار والاحتياجات خبيئة الذاكرة وحبيسة الكتابة، خوفًا من المجتمع أو تعنيفًا من أقرب الناس لها. 

وأكدت الفولي أنه على المستوى الشخصي كنت على تأثر كبير بنفس تلك المفاهيم المتوارثة فى سن مبكرة،  تخلصت منها فى مراحل متأخرة، وأستطيع القول إن تجارب الحياة المريرة  حولتني تحولا كاملا، وقد قرأت فى سن صغيرة كتبًا عظيمة، ساعدت فى تشكيل وعيّ بشكل مبكر، وأكثر ماعلق فى ذهني قراءتي لرواية "السأم" لألبرتو مورافيا وأتذكر أنني بعد أن قرأت الرواية أحرقتها لخوفي من أن يعرف أحد أنني قرأتها.

وتابعت الفولي فى الثانية عشر كان لدي قلقٌ عظيم، لحياة وتجارب قاسية، فكتبت خواطري الشخصية التى لايطلع عليها أحد، وكتبت الأشعار الكلاسيكية للناس وكنت متحفظة جدا، وفى مرحلة متأخرة، بعد خوض معارك كثيرة مع نفسي، ساعدني أصدقاء شعراء مقربين أرسلوا لي كتبًا كثيرة، كان أكثرها تأثيرًا  كتاب شعر لويس جريس" أفتح أبواب الليل" الذى كان بمثابة الشرارة التى فجرت كل دواخلي وتحرري فى الكتابة.

واستكملت حديثها  ثم كانت كتابة قصيدة النثر بمثابة ثورة داخلية على كل شيء، على الشكل والمكنون الداخلي، وحتى صراعات الكلاسيكيين معها، فتركت لروحي أن تكتب ما تشاء وكما لو أنه لن يقرؤني أحد، ثم أبصرتُ أن تلك الكتابة ما كُتبت إلا لكي تُقرأ وتشاكس وتعالج، فكان تمردي على نفسي وسلطتها القمعية فيما يجب أن نكتبه وما يجب أن نغير به واقع المجتمع، وواقعي ومثيلاتي، وبكل مانحمله من وجع للمرأة، وأيقنت أن الكاتبة التى لا تُحمل هما عاما تغير به مجتمعها ليست إلا نوعًا من "التسلية" 

وختمت الفولي: “والآن، ليس لدي خطوط حمراء عند الكتابة، لكني أهتم بالصياغة، حتى لا استنفر معارك المجتمع فأصل إلى الهدف الذي أرجوه”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق