رأت صحيفة «واشنطن بوست»، الأمريكية، أن أزمة حرب غزة أتاحت لمصر فرصةً لإعادة إبراز وترسيخ دورها الدبلوماسى فى الشرق الأوسط، عبر لعب دور محورى فى اتفاق وقف إطلاق النار بين حركة حماس وإسرائيل، الذى أبرم فى شرم الشيخ.
وقالت الصحيفة إن مصر أكدت باستضافتها المفاوضات الخاصة بإنهاء حرب غزة، الشهر الماضى فى شرم الشيخ، أنها تتمتع بنفوذ كبير فى الشرق الأوسط، خاصة فى ظل قربها الجغرافى من إسرائيل وغزة، وعلاقاتها التى ترسخت على مدى عقود مع جهات فاعلة رئيسية على جانبى الصراع، ما يجعلها عنصرًا أساسيًا فى السعى لتحقيق سلام دائم.
وأوضحت أنه عندما بدا أن وقف إطلاق النار فى خطر، أجرى رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، الذى قاد فريق التفاوض المصرى، زيارة إلى إسرائيل للقاء رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، من أجل إعادة الهدوء.
وقالت منى يعقوبيان، مديرة برنامج الشرق الأوسط فى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن، إن قمة شرم الشيخ مثلت نصرًا كبيرًا لمصر، مشيرة إلى أنه فى الفترة المقبلة ستُختبر الدبلوماسية المصرية، وسيتعين على القاهرة أن تلعب دورًا محوريًا فى المساعدة على ضمان استمرار وقف إطلاق النار فى غزة، وحل المسائل المعقدة حول من سيحكم غزة ويفرض الأمن.
وفى السياق ذاته، أكد اللواء محمد إبراهيم الدويرى، المسئول السابق فى المخابرات المصرية، للصحيفة الأمريكية: «لدينا علاقات قوية مع السلطة الفلسطينية وإسرائيل وجميع الفصائل الفلسطينية، بالإضافة إلى الولايات المتحدة والدول الأوروبية، ولا يوجد بلد آخر يتمتع بهذه العلاقات».
وقالت الصحيفة إنه على غرار أسلافه، يُصرّ الرئيس عبدالفتاح السيسى على أن إقامة دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب إسرائيل هى الحل الوحيد القابل للتطبيق للصراع الإسرائيلى الفلسطينى، كما قاوم اقتراح الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، فى فبراير الماضى، بتحويل غزة إلى ما يسمى بـ«ريفييرا الشرق الأوسط» بإدارة أمريكية، مع تهجير الفلسطينيين من القطاع، وبدلًا من ذلك حشدت مصر الدعم العربى لخطة بديلة لغزة، وأقنعت المسئولين الأمريكيين فى نهاية المطاف بمزاياها.
ورأت «واشنطن بوست» أن خطة السلام المكونة من ٢٠ نقطة، والتى أعلنها ترامب الشهر الماضى، تشبه خطة مصر فى بعض الجوانب الرئيسية، بما فى ذلك الدعوة إلى تشكيل لجنة من التكنوقراط الفلسطينيين لإدارة غزة مؤقتًا، وتدريب قوات شرطة فلسطينية من قِبل مصر والأردن، ونشر قوة دولية لتحقيق الاستقرار فى القطاع، إلا أن الخطة المصرية لم تتضمن اقتراح «ترامب» بتشكيل «مجلس سلام» يرأسه للإشراف على إدارة القطاع.
وقال حسين إبيش، الباحث المقيم الأول فى معهد دول الخليج العربية فى واشنطن، إن مصر تُطبّق ما تريده على غزة، وإذا نجحت العملية التى بدأت فى شرم الشيخ فى إنهاء الحرب فى نهاية المطاف، «ستكون مصر قد برزت كدولة لا غنى عنها».
وذكر «إبيش» أن وجود قوات فى غزة أمر بالغ الأهمية لضمان ترجمة أى اتفاق على الورق إلى واقع على الأرض، مضيفًا أنه فى الأيام الأولى لوقف إطلاق النار تمكنت القاهرة من إقناع مقاتلى «حماس» بالتوقف عن ملاحقة العصابات المدعومة من إسرائيل فى غزة، وفقًا لما ذكره خالد عكاشة، المستشار الأمنى المصرى.
وأشارت الصحيفة إلى أنه فى الوقت نفسه تسعى مصر أيضًا إلى لعب دور فى تهدئة الصراعات الإقليمية الأخرى، حيث قال مسعد بولس، كبير مستشارى الولايات المتحدة للشئون العربية والإفريقية، إن القاهرة لاعب أساسى للغاية فى السودان المجاور، حيث يحاول المسئولون المصريون التوسط لتحقيق وقف إطلاق النار فى الحرب بين الجيش السودانى والميليشيات المتمردة.
فى السياق أيضًا، شاركت مصر مؤخرًا فى الجهود المبذولة لمنع انهيار الهدنة الهشة بين إسرائيل وحزب الله فى لبنان، حيث ذهب رئيس المخابرات إلى بيروت للقاء كبار المسئولين.
وقال منير ربيع، المحلل السياسى المتحدث السابق باسم الحكومة اللبنانية للصحيفة، إن مصر ترغب فى الاضطلاع بدور أوسع وأكثر فاعلية، فى ظل التحولات التى تشهدها المنطقة، موضحًا أن مقترح القاهرة بشأن لبنان يعكس بالفعل الخبرة المكتسبة من غزة.








0 تعليق