حثت صحيفة "الجارديان" البريطانية دول العالم على ألا تدير ظهرها الآن لقضية مستقبل قطاع غزة بعد الشعور بالارتياح الناجم عن وقف إطلاق النار، فالفلسطينيون لا يحتاجون إلى الطعام فحسب، بل إلى مستقبل أيضًا.
وتساءلت الصحيفة، في مقال افتتاحي نشرته، الخميس، ما هو مستقبل الفلسطينيين في غزة؟، قائلة إن إعلان وقف إطلاق النار جلب راحة عميقة، ممزوجة بشعور مماثل من الخوف والقلق، وقد خفت حدة الهجوم الإسرائيلي، وأعادت حماس الرهائن الأحياء ورفات بعض الذين توفوا، وأطلقت إسرائيل سراح بعض الأسرى الفلسطينيين ورفات آخرين.
لكن يُقال إن أكثر من 200 فلسطيني، بمن فيهم أطفال، لقوا حتفهم في غارات تقول إسرائيل إنها رد على هجمات حماس، لا يزال يُعتقد أن آلاف الجثث محاصرة تحت الأنقاض، وهي أنقاض يُقدر أنها ستحتاج إلى أسطول من أكثر من مائة شاحنة لنقلها على مدار سبع سنوات، بحسب الصحيفة.
وأوضحت الصحيفة، أن المساعدات عادت للتدفق، لكنها لا تزال غير كافية على الإطلاق، إذ تحذر المنظمات غير الحكومية من أن نظام التسجيل الإسرائيلي الجديد يعيق عملية التوصيل، وتستمر عمليات الهدم الإسرائيلية في النصف الذي لا تزال قواتها تسيطر عليه من غزة.
وحذرت اليونيسف هذا الأسبوع من أن النظام التعليمي - بقدر ما تبقى منه بعد عامين من الحرب وتدمير أكثر من 90% من مباني المدارس والجامعات - على وشك الانهيار، ويولد الأطفال الجدد حرفيًا بين الأنقاض، لأمهات لا يملكن منازل ولا مستشفيات عاملة.
وأشارت الجارديان إلى أنه تم التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بتأجيل جميع القضايا الصعبة، لكن الولايات المتحدة حريصة على المضي قدمًا في قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي ينص على إنشاء قوة دولية لتحقيق الاستقرار.
وسيتطلب ذلك اتفاقًا على العديد من القضايا الصعبة: تفويض القوة وتكوينها، وعلاقتها بقوة شرطة مدنية فلسطينية؛ والقيادة العسكرية الأمريكية؛ وتفاصيل الانسحاب العسكري الإسرائيلي، وماذا سيحدث لأسلحة ومقاتلي حماس.
ورأت الصحيفة أنه على الرغم من أن الكثير مما يحدث في العالم يُملى الآن وفقًا لأهواء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فسيكون من الخطأ اعتبار وقف إطلاق النار هدية عشوائية من ترامب، فقد عكس ذلك الغضب الدولي المتزايد إزاء حرب الإبادة الجماعية، بقيادة الرأي العام، مع انضمام الحكومات لاحقًا.
وقد تراجعت غزة الآن عن جدول الأعمال، وسارعت ألمانيا إلى الإشارة إلى أنها سترفع القيود المفروضة على صادرات الأسلحة إلى إسرائيل والتي فرضتها في أغسطس الماضي فقط.
وأوضحت الصحيفة، أن إسرائيل لا تزال ترفض السماح للصحفيين الدوليين بدخول غزة، مؤكدة أنه يجب الحفاظ على الاهتمام العام لدعم موقف ترامب، وإقناعه بالضغط على إسرائيل للامتثال للاتفاقية القائمة، وضمان ألا تؤدي الخطوات اللاحقة إلى خيانة الفلسطينيين بشكل كامل.
وفي ختام افتتاحيتها، أكدت الصحيفة، أن الضغط المستمر هو السبيل الوحيد لتحقيق أي قدر من العدالة والسلام الدائم في المنطقة، ولا يحتاج الفلسطينيون إلى الطعام فحسب، بل إلى مستقبل أيضًا.














0 تعليق