وراء الكواليس الاقتصادية، تدور نقاشات حاسمة داخل أروقة الحكومة والهيئات المختصة لتحديد مستقبل تأسيس الشركات الكبرى في مصر، فبين محاولات جذب الاستثمارات وتسهيل الإجراءات، وحرص الدولة على ضبط الإطار القانوني والتنظيمي، تبرز خمس أوراق رئيسية ستحدد ملامح المرحلة المقبلة في بيئة الأعمال المصرية، وسط ترقب من المستثمرين المحليين والأجانب لما ستسفر عنه هذه التحركات.
تحول رقمي في إجراءات التأسيس
وتشهد مصر خطوات جادة في رقمنة عملية تأسيس الشركات، حيث أعلنت الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة أن مشروع قانون الشركات الجديد، المزمع عرضه على البرلمان، يتضمن إلزام الجهات الحكومية بإنجاز موافقات التأسيس إلكترونيًا خلال 20 يوم عمل، هذا يدل على توجه الدولة لتسهيل الإجراءات، وتقليص زمن التأسيس، ما قد يُعزّز من جاذبية مصر أمام المستثمرين المحليين والأجانب.
قوانين جديدة تُعيد تشكيل العلاقة بين الدولة والشركات
وفي أغسطس 2025، دخل حيّز التنفيذ قانون رقم 170 لسنة 2025 بشأن تنظيم بعض أحكام ملكية الدولة في الشركات المملوكة بالكامل أو جزئيًا للدولة. هذا القانون يُسهّل مشاركة القطاع الخاص في الشركات التي كانت حكوميّة بالكامل، ويُعيد صياغة آليات الحوكمة والمشاركة بين الدولة والمستثمرين، كما أن مشروع قانون الشركات الذي تطرحه الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة يعِد بتوحيد تسجيل الشركات تحت جهة واحدة وتقديم فترة سماح لسداد متطلبات ما بعد التأسيس.
نمواً لافتاً في تأسيس الشركات الخاصة
ووفقاً لخطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية 2025/2026، ارتفع عدد الشركات الخاصة التي تم تأسيسها في مصر من نحو 22,400 شركة في 2018/2019 إلى ما يقارب 38,000 شركة في 2023/2024. هذا النمو يعكس توسّع قاعدة النشاط الاقتصادي واتّجاه مزيد من المستثمرين نحو تأسيس كيانات رسميّة وليس فقط نشاطاً فردياً أو غير مهيكَل. ومع ذلك، يبقى التحدّي في نوعية هذه الشركات، وحجمها، وقدرتها على النمو والتصدّر.
تسهيلات إداريّة وورقيّة لتشجيع التأسيس
قامت الهيئة العامة للاستثمار بتقليص عدد المستندات المطلوبة لتأسيس الشركات بنسبة 62 ٪ تقريباً، ضمن جهود خفض العقبات أمام المستثمرين، كذلك، قرّر المجلس الأعلى للاستثمار خفض تكلفة تأسيس الشركات والحد من القيود، مثل تبسيط إجراءات تملك الأراضي وتيسير الرخصة الذهبية. هذه المبادرات كلها تهدف إلى جعل مصر أكثر سهولة في بيئة إنشاء وإدارة الشركات.
تحدّيات هيكلية تأثر على تأسيس الشركات الكبرى
رغم الإجراءات الإيجابية، أشار صندوق النقد الدولي إلى أن التقدّم في الإصلاحات الهيكلية في مصر كان «مُختلطاً»،، مستشهداً بسيطرة الدولة والشركات المملوكة للجيش أو الدولة على الاقتصاد كأحد العقبات أمام نمو القطاع الخاص والشركات الكبرى، وهذا يشير إلى أن هناك فراغاً في الفرص الحقيقية أمام تأسيس شركات ضخمة أو تحوّل كيانات قائمة إلى شركات كبرى تنافس دولياً، ما يتطلّب إصلاحات إضافية في الحوكمة والشفافية والمنافسة.

















0 تعليق