صرّح الدكتور عماد عمر، أستاذ العلوم السياسية من قطاع غزة، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يسعى إلى التباطؤ في إدخال قوات حفظ السلام الدولية إلى قطاع غزة، وترغب في دخول قوات أجنبية داخل القطاع تحت اشراف وباختيار إسرائيل ضمن القوة الدولية المزمع تشكيلها من اجل انهاء الحرب، كما يعرقل بشكل متعمّد وصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين، مؤكدًا أن هذه السياسات ليست نابعة من اعتبارات أمنية فقط، بل من دوافع سياسية وانتخابية بحتة.
وأوضح عمر من خلال حديثة أن نتنياهو يحاول استثمار الأوضاع المأساوية داخل القطاع لصالحه في الانتخابات المقبلة لحزب الليكود والكنيست الإسرائيلي، عبر إظهار نفسه أمام الداخل الإسرائيلي كرجل أمن قوي قادر على السيطرة ومنع أي نفوذ خارجي داخل غزة.
وأشار أستاذ العلوم الساسية إلى أن هذا التعمد في تأخير المساعدات الإنسانية يأتي في وقت حساس للغاية، حيث يستعد سكان القطاع لفصل الشتاء وسط نقص حاد في الغذاء والدواء ومستلزمات الإيواء، ما يجعل سياسة نتنياهو الحالية أقرب إلى حصار وتجويع ممنهج بحق المدنيين.
المساعدات تواجه الحصار والبيروقراطية
واردف عمر حديثة ، أن المساعدات الإنسانية الأممية والعربية ما زالت تواجه عراقيل ضخمة على المعابر بفعل الإجراءات الإسرائيلية المشددة، إذ يتم تقييد حركة الشاحنات وتأخير وصول الإمدادات الحيوية، وهو ما أدى إلى تدهور كبير في الوضع الإنساني داخل القطاع.
وأضاف أن هذه السياسة الإسرائيلية الممنهجة تتناقض مع القانون الدولي الإنساني، وتشكّل انتهاكًا صارخًا لاتفاقيات جنيف، التي تلزم قوة الاحتلال بتأمين حياة المدنيين في أوقات النزاع.
ترامب وقدرة الولايات المتحدة على كبح التصعيد
وفي سياق متصل، دعا الدكتور عماد عمر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى التحرك الفعّال عبر إصدار قرار بإدخال قوات حفظ السلام الدولية إلى القطاع للفصل بين المدنيين الفلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي، بما يضمن وقف نزيف الدم ووقف الانتهاكات المتكررة التي تشهدها غزة.
وأكد أن هذه الخطوة لن تخدم فقط الاستقرار الإقليمي، بل ستعود أيضًا بمكاسب استراتيجية على واشنطن، مشيرًا إلى أن من مصلحة ترامب في حال عودته إلى البيت الأبيض أن يظهر بمظهر القائد القادر على فرض التوازن الدولي، من خلال حماية المصالح العسكرية والتجارية الأمريكية في الشرق الأوسط، وضمان الوجود الأمريكي الفعّال في ملفات الأمن والسلام الدولية
تحليل سياسي: المشهد يتجاوز التنافس الانتخابي
وفي سياق متصل، يرى عدد من الخبراء الدوليين أن التحركات الإسرائيلية الأخيرة تحمل بعدًا انتخابيًا داخليًا واضحًا، لكنّها في الوقت نفسه تُعرّض الأمن الإقليمي والعلاقات الدولية لخطرٍ متزايد.
ويؤكد المحلل السياسي الإيطالي ماركو دي لوتشي أن نتنياهو يوظّف ملف غزة كورقة انتخابية، في حين يحذّر باحثون في مراكز دراسات أوروبية من أن استمرار الحصار سيؤدي إلى تفاقم الأزمات الإنسانية وتصاعد الغضب الدولي ضد إسرائيل.
ومن جانبه، اعتبر الخبير الأمريكي في العلاقات الدولية ريتشارد كولينز أن إدخال قوات حفظ السلام الأممية إلى القطاع أصبح ضرورة إنسانية عاجلة، وليس مجرد خيار سياسي، داعيًا إلى تدخل دولي منسق تقوده واشنطن والأمم المتحدة لإيقاف الانتهاكات وضمان تدفق المساعدات.
وتُظهر تصريحات الدكتور عماد عمر، ومعها آراء الخبراء الدوليين، أن المشهد في غزة لم يعد مجرد أزمة إنسانية أو صراع سياسي مؤقت، بل بات اختبارًا حقيقيًا لإرادة المجتمع الدولي في حماية المدنيين وفرض مبادئ القانون الدولي.
فبين تباطؤ نتنياهو المدروس والرهان الأمريكي المحتمل، يقف أكثر من مليوني إنسان في غزة أمام مأساة إنسانية متصاعدة، تنتظر قرارًا شجاعًا من قادة العالم.
وفي الوقت الذي يواصل فيه الاحتلال سياسة الحصار والتجويع، تبقى عيون العالم معلقة على أي مبادرة دولية جادة يمكن أن تُنهي معاناة المدنيين، وتعيد إلى المنطقة بريق العدالة المفقودة.













0 تعليق