ذكرى ميلاد سيف الدين قطز.. بطل عين جالوت

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في مثل هذا اليوم، تحل ذكرى ميلاد واحد من أعظم قادة مصر في العصور الوسطى، السلطان سيف الدين قطز، بطل معركة عين جالوت، الذي كتب اسمه بحروف من نور في سجل البطولات الإسلامية، يعد قطز رمزًا للشجاعة والقيادة الحكيمة، وأحد أبرز من وقفوا في وجه الغزو المغولي الذي اجتاح العالم الإسلامي في القرن الثالث عشر.

ولد سيف الدين قطز في بدايات القرن الثالث عشر، واسمه الحقيقي محمود بن ممدود، وينتمي إلى أسرة ملكية من خوارزم، إلا أن الأقدار شاءت أن يسقط أسيرًا في أيدي التتار بعد اجتياحهم لبلاده، لينقل صغيرًا إلى مصر ويباع كعبد، ومع مرور الزمن، أثبت ذكاءً نادرًا وشجاعة فائقة جعلته يرتقي في صفوف المماليك حتى صار أحد أبرز قادتهم، ثم نائب السلطان عز الدين أيبك، قبل أن يتولى العرش بعد وفاته عام 1259م.

029c81fc9b.jpg

كانت الظروف التي صعد فيها قطز إلى الحكم من أصعب المراحل التي مرت بها الأمة الإسلامية، فالمغول بقيادة هولاكو أسقطوا بغداد عام 1258م وقتلوا آخر خلفاء العباسيين، وعم الرعب المشرق الإسلامي كله، وبينما كانت القوى الإسلامية تتهاوى، كانت مصر هي الأمل الأخير، تولى قطز الحكم وهو يدرك حجم الخطر، فبدأ بإعادة تنظيم الجيش، واستمال المماليك البحرية بذكاء سياسي ليتحدوا في مواجهة العدو المشترك، كما عقد هدنة مؤقتة مع الصليبيين في عكا ليأمن جانبهم قبل المواجهة الكبرى.

 

وفي عام 1260م، أرسل هولاكو رسالة تهديد إلى قطز يدعوه فيها إلى الاستسلام، إلا أن السلطان الشجاع رد عليه بقتل الرسل وتعليق رؤوسهم على أبواب القاهرة، في إشارة إلى أن مصر لن تهزم، ثم خرج بجيشه متحديًا الخطر، حتى التقى المغول في سهل عين جالوت بفلسطين في 3 سبتمبر 1260م.

485.jpeg

هناك، سطر قطز ورفاقه ملحمة خالدة في التاريخ الإسلامي، استخدم خطة عسكرية بارعة بالتعاون مع قائده ركن الدين بيبرس، فقام بتقسيم الجيش إلى طليعة ومقدمة واحتياط، ونجح في خداع المغول واستدراجهم إلى داخل الكمين، قبل أن يهجم عليهم بنفسه صارخًا: "وا إسلاماه"، لتتحول صيحته إلى نداء للنصر رفع به الروح المعنوية للجنود، انتهت المعركة بانتصار ساحق للمسلمين، وتوقفت بذلك موجة الغزو المغولي التي كانت تهدد بإبادة العالم الإسلامي.

 

بعد النصر، عاد قطز إلى مصر محاطًا بالمجد، لكنه لم يهنأ طويلًا، إذ قتل بعد أسابيع قليلة في طريق عودته على يد بعض المماليك بقيادة بيبرس، في واحدة من أكثر لحظات التاريخ غموضًا، ومع ذلك بقي ذكره خالدًا، وبقي اسمه مقترنًا بالبطولة والنصر والكرامة.

486.jpeg

لقد جسد سيف الدين قطز نموذج القائد الذي خرج من قلب المحن ليصنع مجدًا خالدًا، أثبت أن الشجاعة والإيمان يمكن أن يغيرا مجرى التاريخ. وبعد أكثر من سبعة قرون، لا يزال اسمه رمزًا للفداء والعزة، وبطلًا لا تنسى صرخته في عين جالوت، التي حفظت لمصر والعالم الإسلامي كرامته وبقاءه.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق