دعت السيناتورة الديمقراطية الأمريكية إليزابيث وارن إلى إجراء تحقيق يطال مصرفيين من بينهم جيس ستالي، بزعم دعمهم لمرتكب الجرائم الجنسية المدان جيفري إبستين.
وفي رسالة قُدمت سرا إلى الجهات التنظيمية، واطلعت عليها صحيفة "الغارديان"، دعت وارن إلى إجراء تحقيقات بشأن "جميع المديرين التنفيذيين المصرفيين الحاليين والسابقين في الولايات المتحدة الذين ربما سهّلوا على جيفري إبستين سلوكه غير المشروع".
ويشمل ذلك المصرفي ستالي، حيث أوضحت وارن أنه يُقال عنه إنه ساعد في حماية وصول الممول الراحل إلى النظام المصرفي خلال فترة عمله في "بنك جي بي مورغان" في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
وأشارت وارن إلى أن ستالي – الممنوع أصلا من العمل في القطاع المصرفي بالمملكة المتحدة – وُصف في تقارير إعلامية بأنه "المدافع الرئيسي" عن إبستين.
ولفتت وارن، وهي الديمقراطية البارزة في لجنة مجلس الشيوخ الأمريكي للخدمات المصرفية والإسكان والشؤون الحضرية، إلى أنها شعرت بالقلق حين سمعت أن ستالي قاوم عندما أشار الزملاء إلى معاملات إبستين المشبوهة، في إشارة إلى مسألة طُرحت عليه في إجراءات المحكمة في وقت سابق من هذا العام.
وقد نفى ستالي تلك المزاعم حينها، قائلا: "لا أعتقد أن هذا عادل"، وزعم أن قرار إنهاء التعامل مع عميل مثل إبستين لم يكن قراره.
كما تطرقت وارن إلى أدلة قُدمت في المحكمة توحي بأن ستالي نبّه إبستين بشأن مخاوف "جي بي مورغان" بطريقة سمحت لتاجر الجنس بتغيير سلوكه وتجنب التدقيق. وقال ستالي للمحكمة إنه "لم يكن جزءاً من إدارة الحساب"، لكنه لم ينكر أنه أخبر إبستين بوجود مخاوف بشأن عمليات سحب نقدية.
وجاء في رسالة وارن أن إبستين فتح ما لا يقل عن 134 حسابا، وعالج أكثر من مليار دولار من المعاملات، وجلب العديد من العملاء المربحين خلال علاقته التي استمرت 15 عاما مع "جي بي مورغان".
وأضافت السيناتور أنه بينما دفع "جي بي مورغان" حتى الآن 290 مليون دولار (217 مليون جنيه إسترليني) كتسويات لضحايا إبستين، فإن "ستالي تجنب المساءلة في الولايات المتحدة حتى الآن".

ودعت وارن الآن مجلس الاحتياطي الفيدرالي (Federal Reserve Board)، ومكتب المراقب المالي للعملة (OCC)، والمؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع (FDIC) إلى الإعلان علنا عن بدء تحقيق في شأن المديرين التنفيذيين المصرفيين السابقين والحاليين الذين ربما ساعدوا إبستين، بحلول 7 نوفمبر.
كما طلبت تأكيدا خاصا بفتح تحقيق خاص بسلوك ستالي بحلول 14 نوفمبر. قد يؤدي ثبوت المخالفات في نهاية المطاف إلى فرض غرامة واحتمال منعه من العمل في القطاع المصرفي الأمريكي.
وورد في رسالة وارن: "من الأهمية بمكان توجيه رسالة إلى الجمهور وموظفي البنوك الحاليين مفادها أن هذا النوع من سوء السلوك المشين لا مكان له في النظام المصرفي الأمريكي".
وسيكون هذا تطورا مؤلما آخر لستالي، الذي خسر في يونيو محاولة قانونية لإلغاء الحظر المفروض عليه مدى الحياة من العمل في القطاع المالي في المملكة المتحدة، والذي فرضته هيئة السلوك المالي البريطانية (FCA) في عام 2023، بعدما وُجد أنه ضلّل الجهة الرقابية بشأن علاقته بمرتكب الجرائم الجنسية.
وكان تحقيق الهيئة (FCA) الأصلي، الذي أطلقته مجموعة من أكثر من 1200 رسالة بريد إلكتروني بين ستالي وإبستين، قد خلص إلى أن الاثنين كانا "مقربين فعلا" وأن علاقتهما "تجاوزت ما هو مهني بطبيعته".

ودعت وارن أيضا إلى إجراء تحقيقات بشأن مديرين تنفيذيين كبار آخرين ربما دعموا جرائم الممول الراحل. وجاء في الرسالة: "ستالي ليس المسؤول المصرفي الوحيد الذي تربطه علاقات مثيرة للقلق والريبة مع إبستين. على سبيل المثال، وفقاً لإفادة ستالي تحت القسم، ناقش إبستين مع الرئيس التنفيذي جيمي ديمون في مناسبتين على الأقل". وقد نفى ديمون سابقا ادعاء ستالي وذكر أنه لا يتذكر معرفة أي شيء عن إبستين إلا بعد سنوات من قطع الشركة فعلياً علاقاتها مع مرتكب الجرائم الجنسية. ورفض "جي بي مورغان" التعليق.
وتابعت وارن: "يجب على الاحتياطي الفيدرالي (Fed)، ومكتب المراقب المالي للعملة (OCC)، والمؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع (FDIC) التحقيق مع أي مدير من المديرين التنفيذيين المصرفيين الحاليين والسابقين سلك سلوكا مماثلا لتحديد ما إذا كان سلوكهم ذاك يفي بالمعايير القانونية للمنع من العمل في الصناعة المصرفية وفرض العقوبات النقدية المدنية".
وأضافت رسالة وارن: "يجب محاسبة أي مديرين تنفيذيين مصرفيين قاموا بتسهيل جرائم أحد أشهر مجرمي الجنس في العالم".
وفي سياق آخر، يتعرض دونالد ترامب لانتقادات بسبب علاقاته الاجتماعية بمرتكب الجرائم الجنسية، الذي كان صديقاً له لفترة طويلة حتى خلافهما عام 2004. وقد جعل الرئيس مسألة الإفراج عن ملفات تحقيق إبستين جزءا من برنامجه الانتخابي، لكنه فشل في القيام بذلك، متذرعا باعتبار الضجة حول الملفات "خدعة ديمقراطية".
وجاء نبأ رسالة وارن في الوقت الذي رُفعت فيه دعويان قضائيتان جديدتان من مدّع مجهول ضد بنك أوف أمريكا (Bank of America) وبنك نيويورك ميلون (BNY)، ورد فيهما أن البنكين مكّنا إبستين تمكيناً غير مشروع من الاتجار بالجنس.
وقال بنك نيويورك ميلون إن المزاعم "لا أساس لها وسندافع بقوة". وكرر "بنك أوف أمريكا" هذه التعليقات، قائلا: "سندافع عن أنفسنا بقوة في هذه المسألة".
وقد تواصلت صحيفة الغارديان مع الممثل القانوني لستالي كي يدلي بتعليقه. وفي يونيو، بعد خسارته طعنه القانوني ضد هيئة السلوك المالي البريطانية (FCA)، صرح ستالي بأنه "يشعر بخيبة أمل" من النتيجة لكنه "لم يكن غير صادق أبدا".
جدير بالذكر أن جيفري إبستين كان ممولا أمريكيا تورط في شبكة استغلال جنسي للأطفال، وقد اعتقل عام 2019 بتهم الاتجار بالجنس واستغلال القاصرات. توفي في زنزانته بسجن مانهاتن في أغسطس من نفس العام، وأعلنت السلطات أنه انتحر، لكن موته أثار الجدل والنظريات حول الوفاة الغامضة بسبب علاقاته الواسعة مع شخصيات نافذة ومخاوف من احتمال التستر على معلومات حساسة.











0 تعليق