جريمة فيصل.. تفكيك رواية القاتل المتناقضة والبحث عن عدالة تليق بالضحايا

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

جريمة هزت أرجاء المجتمع، تفوق بشاعتها كل تصور، أم وثلاثة من أطفالها يسقطون ضحايا لسم قاتل في منطقة فيصل، ولكن بعد سماع ادعاءات المتهم التي سردها أمام رجال المباحث، بعد إلقاء القبض عليه، بكلمات لا تهدف لتبرير فعلته الشنعاء، بل تسعى إلى اغتيال سمعة الضحية التي لم يعد بوسعها الدفاع عن نفسها.

في هذا المقال لا أهدف إلى استباق أحكام القضاء، بل أسعى لتحليل منطقي لرواية المتهم، وكشف تناقضاتها، والدعوة إلى عدالة ناجزة تحفظ كرامة الضحايا وترفض أي محاولة لتشويههم.

1. رواية القاتل.. اعترافات تافهه تنهار أمام المنطق

قدم المتهم رواية يدعي فيها وجود علاقة عاطفية مع الضحية، وأنها كانت تقيم معه دون زواج، وأن دافعه لقتلها هو "شكه في سلوكها"، وهذه الرواية، رغم ما قد تحمله من إثارة إعلامية، تنهار عند أول اختبار للعقل والمنطق، فالسؤال الأكبر الذي يهدم الرواية: لماذا قُتل الأطفال؟

لنفترض جدلًا أن دافعه كان صحيحًا، وأن جريمته جاءت نتيجة "شك في سلوك" الأم، ما هو ذنب أطفالها الثلاثة؟ إن قتل الأطفال بدم بارد ينفي تمامًا أي منطق "عاطفي" أو "شخصي" للجريمة، هذا الفعل الوحشي لا يشير إلى رجل غاضب أو مخدوع، بل يكشف عن شخصية إجرامية متجردة من الإنسانية، تخطط وتنفذ بهدف الإبادة الكاملة، وليس مجرد الانتقام من شخص واحد، إن قتل الأبناء هو الدليل القاطع على أن دافع "الشك في السلوك" هو مجرد قناع واهٍ لإخفاء حقيقة أكثر ظلامًا.

2. تناقض الفعل ورد الفعل.. هل يُسعف القاتل ضحيته؟

نقطة أخرى تثير الحيرة هي سلوك المتهم بعد الجريمة، الروايات تشير إلى العثور على الأطفال في حالة إعياء ونقلهم للمستشفى، وهنا يبرز تناقض صارخ، فالعقل الإجرامي الذي يخطط لوضع السم لا يفكر في الإنقاذ. إن تركهم لمصيرهم المحتوم هو جزء من خطته. هذا السلوك لا يعبر عن ندم لحظي، بل عن لامبالاة تامة بحياة أربعة أشخاص، مما يؤكد أن الجريمة كانت فعلًا محسوبًا ومنظمًا.

3. صورة الضحية.. بين محاولات التشويه وحقائق لا يمكن إنكارها

يحاول المتهم استغلال الوضع الاجتماعي للضحية كونها "منفصلة" عن زوجها، ليرسم حولها صورة نمطية تخدم روايته، لكن هذه المحاولة تصطدم بحقائق ملموسة قدمها شهود أكثر صدقًا سواء شهادات أهلها وجيرانها وحياة أطفالها، أيضًا شهادة الأهل والمظهر، بحسب المقربين منها، كانت السيدة "منتقبة" وأطفالها من "حفظة القرآن"، هذه التفاصيل ليست سطحية، بل ترسم ملامح سيدة وأم كرست حياتها لتربية أبنائها تربية دينية وأخلاقية، وأيضلً دلالة الصور الأطفال المنتشرة لهم تظهرهم بملابس نظيفة ومظهر لائق، وهي شهادة صامتة على أم لم تكن مهملة، بل كانت شديدة العناية بهم، هذه الحقائق مجتمعة تقدم رواية بديلة أكثر منطقية لأم تحاول بناء حياة جديدة مع أطفالها، وهي صورة تتناقض تمامًا مع الادعاءات التي تهدف إلى النيل من سمعتها.

4. الكلمة الفصل للقضاء.. دعوة لعدالة ناجزة ورفض للاغتيال المعنوي

أمام هذه الفاجعة، لا يبقى لنا سوى الثقة في مؤسسات الدولة ودورها في تحقيق العدالة،فلنترك العدالة الناجزة تأخذ مجراها، فالجهات القضائية هي وحدها المنوط بها تحقيق الأدلة، واستجواب المتهم، والوصول إلى الحقيقة الكاملة بعيدًا عن أي ضغوط إعلامية أو روايات متضاربة، والثقة في أن القصاص العادل سيطال من ارتكب هذه الجريمة البشعة هي أساس الاستقرار المجتمعي.

وهنا أرفض "القتل المعنوي" للضحية، وفي انتظار حكم القضاء، ولذلك يقع على عاتقنا كمجتمع وإعلام واجب أخلاقي، وهو رفض المشاركة في "الاغتيال المعنوي" للضحية، يجب أن يبقى التركيز على الفعل الإجرامي نفسه، لا على حياة الضحية الشخصية، فالعدالة الحقيقية لا تقتصر على إدانة القاتل، بل تبدأ بحماية كرامة من قتلوا غدرًا، لإن إنصاف هؤلاء الضحايا يبدأ برفض تشويههم، والمطالبة بالعدالة الكاملة لهم، وهي عدالة تعاقب الجاني وتحفظ كرامة من رحلوا.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق