في مشهد أثري يخطف الأنظار، أعلنت مصر عن عرض قناع ذهبي جديد للملك بسوسنس الأول داخل المتحف المصري بالتحرير، ليحلّ مؤقتًا محل قناع توت عنخ آمون الذي نُقل مؤخرًا إلى المتحف المصري الكبير استعدادًا لافتتاحه الرسمي في الأول من نوفمبر المقبل.
وجاء هذا الإعلان ليعيد تسليط الضوء على واحدة من أروع التحف التي تجسد عبقرية المصريين القدماء في فنون الذهب والنحت الدقيق، في لحظة تُعد استكمالًا لمسيرة الفخر والدهشة التي بدأت مع كنوز الفتى الذهبي توت عنخ آمون.
القناع الذهبي الذي صمد أمام الزمن
القناع الجديد يعود إلى الملك بسوسنس الأول، أحد أبرز ملوك الأسرة الحادية والعشرين (1047-1001 ق.م)، وقد صُنع من الذهب الخالص المطعّم بالأحجار الكريمة ومعجون الزجاج الملون.
يبلغ ارتفاعه 48 سم وعرضه 38 سم، ويُظهر ملامح الملك بهيبة ملكية وهدوء أبدي، مرتديًا غطاء الرأس الملكي "النمس" الذي يتوّجه ثعبان الكوبرا المقدس رمز الحماية، بينما تتدلى منه لحية مستعارة مضفّرة تدل على المكانة الإلهية للملوك.
كما رُصّعت العيون والحواجب والأشرطة الزخرفية بمعجون زجاجي باللونين الأزرق والأبيض، في حين صُنعت العينان من الحجر الأسود والأبيض لتمنح النظرة عمقًا آسراً.
اكتشاف نادر وسط صخب الحرب
تم اكتشاف القناع عام 1940 على يد عالم الآثار الفرنسي بيير مونتيه داخل مقبرة بسوسنس الأول في تانيس (صان الحجر حاليًا) بشرق الدلتا.
وقد حُفظت المقبرة في حالة شبه سليمة، وهو أمر نادر في الاكتشافات المصرية، إلا أن الصدفة جعلت هذا الإنجاز الأثري العظيم يُدفن إعلاميًا تحت أنقاض الحرب العالمية الثانية، التي اندلعت في العام نفسه، فحجب دخانها بريق الاكتشاف عن أعين العالم.
تحفة فنية ورمز للحياة الأبدية
وصف المتحف المصري القناع بأنه تحفة فنية استثنائية من عصر الأسر المتأخرة، تعكس براعة الحرفيين المصريين القدماء في صياغة الذهب والمجوهرات، وتجسد المعتقدات الدينية حول الخلود والحياة بعد الموت.
فالقناع لم يكن مجرد زينة جنائزية، بل جواز عبور روحي إلى العالم الآخر، حيث يُخلّد الملك في صورة أبدية من النور والذهب.
عرض القناع ضمن كنوز تانيس
يُعرض القناع الذهبي للملك بسوسنس الأول بديل توت عنخ آمون اليوم ضمن قاعتي كنوز تانيس بالمتحف المصري بالقاهرة، إلى جانب مجموعة مذهلة من الأقنعة الجنائزية الذهبية، والتوابيت الفضية، والمجوهرات الفاخرة التي تخص ملوك الأسرتين الحادية والعشرين والثانية والعشرين.
هذه المجموعة، المكتشفة بمقابر تانيس، تمثل أحد أعظم الشواهد على استمرارية الفن المصري القديم حتى آخر مراحله الملكية، لتؤكد أن مصر ما زالت تبهر العالم بذهبها الذي لا يصدأ.
















0 تعليق