بوجهه المميز وصوته الفريد ونبرته الساخرة التي تجمع بين الذكاء والدهشة، استطاع جيف جولدبلوم أن يحتل مكانة استثنائية في هوليوود، ليس فقط كنجم شباك، بل كأيقونة فنية يصعب تصنيفها، فهو الممثل الذي يجمع بين عبقرية الأداء وسحر الغرابة، وبين الواقعية المفرطة والخيال الجامح، في توليفة لا يقدر عليها إلا هو.
ولد جولدبلوم عام 1952 في مدينة بيتسبرج بولاية بنسلفانيا الأمريكية، ونشأ في أسرة يهودية محافظة، كان حلمه منذ الصغر أن يصبح ممثلًا، فانتقل إلى نيويورك وهو في السابعة عشرة من عمره ليدرس التمثيل في "Neighborhood Playhouse"، وهناك بدأ أولى خطواته على مسرح برودواي قبل أن يشق طريقه إلى السينما.
دخل جولدبلوم عالم السينما من الباب الخلفي عبر أدوار صغيرة في السبعينيات، لكن انطلاقته الكبرى جاءت مع فيلم "Jurassic Park" عام 1993 للمخرج ستيفن سبيلبرج، حيث جسد شخصية العالم إيان مالكوم، الذي جمع بين العبقرية العلمية وروح السخرية الفلسفية، هذه الشخصية كانت بمثابة مرآة لشخصيته الحقيقية، لتصبح لاحقًا واحدة من أكثر الشخصيات المحبوبة في تاريخ السينما الحديثة.
كما تألق في فيلم "The Fly" عام 1986، الذي قدمه كممثل قادر على التعمق في الجانب النفسي والمعنوي للتحول الإنساني، بين العلم والجنون، بين العبقرية والانهيار، أداؤه في الفيلم ترك بصمة لا تنسى، وأكد مكانته كممثل من طراز خاص.
لم يكتف جولدبلوم بالتمثيل، بل برع أيضًا في عزف موسيقى الجاز، حيث يقود فرقة موسيقية تحمل اسمه، ويقدم حفلات بانتظام في لوس أنجلوس ونيويورك، ما جعله يجمع بين شغف الفن والموسيقى في مسيرة واحدة متفردة.
يمتاز جولدبلوم بقدرته على تحويل الغرابة إلى فن، فهو لا يخشى الظهور بشكل غير تقليدي أو تجسيد شخصيات خارجة عن المألوف، بل يعتبر ذلك طريقه للتجديد والإبداع، وهو ما جعله أحد أبرز رموز “الغرابة الأنيقة” في هوليوود، حيث يتحول كل ظهور له إلى حدث فني يحمل روح الدعابة والدهشة معًا.
وفي السنوات الأخيرة، عاد جولدبلوم بقوة في سلسلة أفلام "Jurassic World"، ليؤكد أنه لا يزال يحتفظ ببريقه، وأن الزمن بالنسبة له مجرد إطار آخر من إطارات الأداء.












0 تعليق