أكد حزب الوعي أن القمة المصرية الأوروبية، التي تنعقد في العاصمة البلجيكية بروكسل المقررة غدًا، تمثل محطة استراتيجية فارقة في مسار العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبي، إذ تعد الأولى من نوعها، وتأتي في توقيت دقيق يشهد تحولات عميقة في النظام الدولي، تتقاطع فيه المصالح وتتبدل موازين القوى، ويُعاد فيه رسم خرائط النفوذ في عالم يبحث عن توازن جديد بين السيادة الوطنية ومتطلبات الشراكة الدولية العادلة.
وأشار الحزب إلى أن هذا الظرف العالمي المتغير يعزز الحاجة إلى شراكات تقوم على الندية والاحترام المتبادل والتكافؤ في المصالح، بعيدًا عن منطق الوصاية أو اشتراطات الدعم أو محاولات التأثير على القرار السيادي للدول.
وأوضح حزب الوعي أن مصر تدخل هذه القمة من موقع الدولة الفاعلة التي تمتلك أدوات المبادرة، لا من موقع المتلقي أو المنتظر لرد الفعل. فهي تملك مفاتيح الاستقرار في الشرق الأوسط والقارة الإفريقية، وتتحكم في ممرات التجارة والطاقة في جنوب وشرق المتوسط، وتطل على البحرين الأحمر والمتوسط، ويربط بينهما شريان قناة السويس الذي يمثل ركيزة استراتيجية للتواصل بين أوروبا والعالمين العربي والإفريقي.
وشدد الحزب على أن القضايا المطروحة على جدول أعمال القمة – من الاقتصاد والطاقة إلى الهجرة والأمن الإقليمي – لا ينبغي تناولها كملفات منفصلة، بل كمنظومة مترابطة تشكل أساس أي استقرار مستدام. فالأمن الغذائي مرتبط بالأمن الاقتصادي، والطاقة النظيفة تمثل عماد الأمن المناخي، والهجرة ليست قضية أمنية فحسب بل قضية تنموية في جوهرها.
وفي هذا السياق، رحب الحزب بتوسيع آفاق التعاون المشترك الهادف إلى بناء القدرات الإنتاجية الوطنية، وتعميق التصنيع المحلي، وتوطين التكنولوجيا، ودعم التحول نحو الاقتصاد الأخضر، الذي تمثل فيه مصر أحد الممرات الحيوية لإمداد أوروبا بالطاقة النظيفة.
وأكد الحزب رؤيته الثابتة بأن مصر لا تسعى إلى علاقة ذات اتجاه واحد، بل إلى شراكة متكافئة تُعيد تعريف مفهوم "التعاون الدولي العادل" على أساس المصالح المشتركة والاحترام المتبادل. فالقاهرة اليوم شريك رئيسي في منظومة الطاقة العالمية، ومحور فاعل في مشروعات الربط الكهربائي العابر للمتوسط، ومركز لوجستي متنامٍ يربط القارات الثلاث، ووجهة مفضلة للاستثمارات الأوروبية الباحثة عن بيئة مستقرة وآمنة.
وأضاف البيان أن استقرار جنوب المتوسط لن يتحقق إلا عبر التنمية والتكامل والإنتاج المشترك، وهي الركائز التي يراها الحزب الطريق الحقيقي نحو الأمن والسلام.
كما اعتبر حزب الوعي أن القمة تفتح آفاقًا جديدة لمعالجة الملفات الإقليمية التي تشغل الضميرين الأوروبي والمصري، وفي مقدمتها تطورات الأوضاع في غزة والسودان وليبيا والبحر الأحمر ومنطقة الساحل الإفريقي.
وأشار الحزب إلى أن مصر، التي تتحمل عبء الاستقرار الإقليمي وتقود جهود احتواء الأزمات الإنسانية والأمنية في محيطها، أثبتت أنها حجر الزاوية في أي رؤية أوروبية جادة لإحلال السلام والتنمية في الشرق الأوسط وإفريقيا. ومن ثم، دعا الحزب الاتحاد الأوروبي إلى تجاوز منطق التعامل التكتيكي قصير الأجل، والتوجه نحو شراكة استراتيجية طويلة المدى تعزز الأدوار المصرية في تسوية النزاعات، ومكافحة الإرهاب، وتأمين الممرات البحرية، ودعم التنمية في دول الجوار الإفريقي.
واختتم حزب الوعي بيانه بالتأكيد على أن القمة تمثل فرصة حقيقية لإعادة صياغة العلاقة بين مصر وأوروبا على أسس أقوى، قوامها الاستثمار والشراكة والتخطيط المشترك للمستقبل، بعيدًا عن المعادلات التقليدية التي تجاوزها الزمن. وأعرب الحزب عن أمله في أن تُترجم مخرجات القمة إلى برامج تنفيذية واقعية للتعاون في مجالات الصناعة والطاقة والتعليم والبحث العلمي والتكنولوجيا الحديثة، مع فتح المجال أمام القطاع الخاص والمجتمع المدني والأحزاب لبناء شبكات تعاون موازية تُعمّق الروابط بين الشعوب، وتحول الشراكة المصرية الأوروبية من إطار رسمي إلى منظومة مصالح دائمة قائمة على التفاهم والتكامل والمسؤولية المشتركة.
واختتم البيان بالتأكيد على أن القمة المصرية الأوروبية تمثل لحظة تأسيس لرؤية جديدة تُعيد رسم العلاقة بين الشمال والجنوب على أسس العدالة والاحترام والمصالح المتبادلة، وتُعظم الدور المصري كقوة صانعة للتوازن والاستقرار في المنطقة.
0 تعليق