باحث إسلامي: السيد البدوي من أولياء الله الصالحين ويتبعه مئات الآلاف حول العالم

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

أكد الدكتور نوري جاسم الباحث في الشأن الإسلامي، أن السيّد أحمد البدوي يُعد من أعظم الشخصيّات الروحيّة التي أثرت في تاريخ الإسلام، ليس فقط بعلمه وسلوكه، بل بتأثيره العميق على حياة الناس دينيًّا وأخلاقيًّا.

وقال "جاسم" في تصريحات لـ"الدستور" إن "البدوي" كان قطبًا ربانيًّا، جمع بين الإشراق الروحي والقيادة التربوية، مما جعله مرجعًا روحيًّا تجاوز أثره حدود الزمان والمكان، ويتبعه مئات الآف من حول العالم.

من فاس إلى طنطا.. رحلة البحث عن النور

وُلد السيّد أحمد البدوي في مدينة فاس بالمغرب عام 596 هـ (1199 م) في أسرة شريفة تعود نسبًا إلى الإمام الحسن بن عليّ بن أبي طالب. انتقل في صغره إلى مكة المكرمة، حيث نشأ على علوم الشريعة والتصوف، قبل أن يرتحل إلى العراق والشام، ليحطّ رحاله في مدينة طنطا بمصر، والتي أصبحت لاحقًا مركزًا عالميًا للتصوف بفضل بركة حضرته.

وتوفي البدوي في طنطا سنة 675 هـ (1276 م)، بعد أن كرس حياته للتربية الروحية وتأسيس الطريقة الأحمدية، التي ما زالت ممتدة التأثير في مصر والعالم الإسلامي.

سند روحي متصل بالجيلاني عبر ابن مشيش

رغم استقلال السيّد أحمد البدوي بطريقته الصوفية الخاصة، إلا أن سنده الروحي – بحسب الروايات الصوفية المتواترة – يتصل بالقطب المغربي الشهير عبدالسلام بن مشيش، الذي لقّنه ذكر "لا إله إلا الله"، وكان ابن مشيش بدوره حاملًا للسند القادري، المنتهي إلى الشيخ عبد القادر الجيلاني، أحد أعمدة التصوف الكبرى، ثم إلى النبي محمد ﷺ عبر الإمام عليّ بن أبي طالب.

ويؤكد "جاسم" أن هذه السلسلة الروحية تُعدّ من السلاسل الذهبية في التصوف، حيث تُبنى مشروعية الطرق الصوفية على اتصال السند وعدم انقطاعه. إذ لا يُقبل في التصوف، كما يوضح، أن تُنسب الطريقة للنبيّ ﷺ دون سلسلة متصلة من الشيوخ، يُعرف هذا في اصطلاح القوم بـ"الطريقة المتواترة".

الأحمدية.. وجه تربوي خاص وسند قادري مشترك

ورغم أن الطريقة الأحمدية انفردت بأوراد وسلوك خاص، فإنها – من حيث الجوهر – امتداد روحي للطريقة القادرية. وهذا التداخل بين الطرق ليس جديدًا في تاريخ التصوف، بل هو أمر شائع بين أهل السلوك، حيث تتنوّع المظاهر التربوية، لكن يبقى الأصل النوري واحدًا.

يشرح جاسم هذا المفهوم قائلًا: "البدوي، وإن أسّس طريقة قائمة بذاتها، إلا أن روحه تسير في دَرب القادريّة، وتستمدّ منها النور، وتُبقي طريقته متّصلة بالسلسلة الكبرى لأهل الله".

بين السند والسلوك.. حقيقة التصوف

التصوف كما يراه "جاسم" لا يقوم فقط على الذكر أو الأوراد، بل على السند المتصل، والمعايشة الروحية بين الشيخ والمريد. ويشير إلى أن توثيق السند في التصوف لا يعتمد بالضرورة على الكتابة الظاهرة كما في علم الحديث، بل على التسليم والتلقّي المباشر من قلب إلى قلب، ويد إلى يد.

وعليه، فإن السند الروحي للسيد البدوي، كما يرى جاسم، هو في الأصل سند قادري مستند إلى الجيلاني، ويعززه اتصال البدوي بالقطب المغربي عبد السلام بن مشيش.

قطب الزمان ومهوى القلوب

السيد أحمد البدوي لم يكن مجرد وليٍّ صالح، بل كان مربيًا ومؤسسًا لطريق سلكه الآلاف، وملاذًا روحيًا لمحبّيه الذين يتوافدون إلى ضريحه في طنطا حتى اليوم. فبفضل بركته، تحوّلت المدينة إلى مركز عالمي للتصوف، ومزار دائم لأتباع طريقته.

ويختتم "جاسم" حديثه بالتأكيد على أن "النور واحد وإن تنوّعت المصابيح"، في إشارة إلى أن جميع الطرق الصوفية – رغم اختلافها الظاهري – تعود في جوهرها إلى مصدرٍ روحيٍّ مشترك، هو حضرة النبي ﷺ، ما دامت قائمة على سند صحيح ومسلك تربوي متين.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق