في إطار المتابعة المستمرة لتداعيات زيارة الفريق أول عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني إلى القاهرة ولقائه الرئيس عبدالفتاح السيسي، أجرت جريدة الدستور حوارًا خاصًا مع المهندس حسن محمود حسن بشير، مستشار جمعية المحاربين السودانيين القدماء، الذي أكد أن اللقاء بين الرئيسين يمثل نقطة تحول مهمة في مسار العلاقات المصرية السودانية، وخطوة متقدمة على طريق إرساء السلام في السودان.
وأشار حسن بشير إلى أن القاهرة استطاعت أن تثبت للعالم أنها قلب العروبة النابض، وصاحبة الموقف الثابت تجاه وحدة السودان واستقراره.
وتحدث بشير عن أهمية الزيارة، والدور المصري في إعادة السلام، وموقفه من اتفاق جدة، ورؤيته لمستقبل السودان في ظل التطورات الميدانية والسياسية الأخيرة.
وإلى نص الحوار
كيف تقيّمون لقاء الرئيسين عبدالفتاح السيسي وعبدالفتاح البرهان في القاهرة؟
هذا اللقاء هو لقاء الأشقاء في وقت المحن، ويُعد خطوة متقدمة في مسار العلاقات بين مصر والسودان، حضور الفريق أول عبدالفتاح البرهان إلى القاهرة ولقاؤه الرئيس السيسي يحمل رسالة قوية للعالم بأن العلاقات بين البلدين راسخة وعميقة، مصر كانت وما زالت إلى جانب السودان في كل الأزمات، وموقفها ثابت في دعم وحدة السودان والحفاظ على مؤسساته القومية.
ما دلالة توقيت هذه الزيارة من وجهة نظركم؟
التوقيت بالغ الأهمية، لأن مصر بعد أن نجحت في تحقيق اختراق كبير بملف غزة ووقف الحرب، أصبحت محط أنظار العالم، الرئيس السيسي قاد مرحلة مشهودة في التاريخ الحديث، استطاع فيها أن يجمع حوله أعظم دول العالم دعمًا للسلام، وهذا النجاح امتد طبيعيًا ليشمل الدور المصري في السودان، الذي يحتاج اليوم إلى صوت الحكمة والاتزان.
كيف ترون الدور المصري في معالجة الأزمة السودانية؟
الدور المصري محوري ومتقدم، لأن مصر تعرف طبيعة الحرب في السودان أكثر من أي طرف آخر، وهي عضو فاعل في اللجنة الرباعية الخاصة بالسودان وتحتل فيها مركزًا مميزًا، القاهرة تمتلك القدرة على تحريك المواقف الدولية لمساندة السودان في عملية إعادة السلام والإعمار، وهي تتحرك من منطلق المصلحة المشتركة وليس من أجل أي مكاسب ضيقة.
هل تعتقدون أن استجابة الفريق البرهان للمساعي المصرية تمثل تحولًا في مسار الأزمة؟
بالتأكيد، استجابة الرئيس البرهان للمساعي المصرية الصادقة تعكس وعيه الكامل بأن مصر لا تسعى إلا لخير السودان، القاهرة تدرك حساسية الوضع، وتسعى لحل النزاع بعيدًا عن أي أجندات أو مصالح خارجية، هذا التقارب بين القيادتين المصرية والسودانية يمثل بارقة أمل حقيقية في إنهاء الحرب وبدء مرحلة إعادة البناء الوطني.
كيف تنظرون إلى اتفاق جدة الذي تم توقيعه في بداية الحرب؟
اتفاق جدة كان خطوة نوايا حسنة بعد خمسة أشهر من اندلاع الحرب، لكنه اليوم أصبح من الصعب تنفيذه، هناك تغيّر كبير في طبيعة الحرب وفي موازين القوى على الأرض، فجرائم الدعم السريع من نهب واغتصاب وقتل للمدنيين العزل جعلت أي عودة لنفس الإطار التفاوضي أمرًا غير واقعي، خصوصًا مع تحوّل تلك القوات إلى عصابات تمارس النهب والإرهاب.
ذكرت أن هناك تدخلات خارجية... ما طبيعة هذه التدخلات؟
نعم، هناك تدخل واضح من بعض الدول التي تمد المتمردين بالأسلحة المتطورة، بل هناك مشاركة لمرتزقة من دول غير حدودية، وهذا أمر خطير يمس سيادة السودان وأمن المنطقة، هذه التدخلات تزيد من تعقيد الأزمة وتطيل أمد الحرب، وهو ما يجب أن ترفضه الرباعية الدولية ومجلس الأمن بشكل واضح.
كيف تقيمون الموقف الميداني الحالي داخل السودان؟
الموقف الميداني الآن يميل لصالح الجيش السوداني، لقد تمكن من تحرير جميع الولايات والمدن التي كانت تحت سيطرة قوات الدعم السريع، ولم يتبقَّ سوى بعض المناطق في غرب السودان ودارفور، الجيش يحقق انتصارات ثابتة على الأرض، والشعب يقف خلفه دفاعًا عن الوطن ضد المليشيات والمرتزقة.
ما الرسالة التي توجهونها إلى اللجنة الرباعية والمجتمع الدولي؟
أقول للرباعية: تمسكوا بالمبادئ التي أكد عليها الرئيس السيسي، وهي احترام سيادة السودان والاعتراف بالحكومة القائمة ومؤسساتها الشرعية، لا يمكن بناء سلام حقيقي إلا على أساس احترام الدولة، وليس التعامل مع المليشيات. كما أطالب المجتمع الدولي بوقف دعم قوات حميدتي، وإعادة النظر في سياساته تجاه السودان.
وماذا عن الدول التي لها مصالح في السودان؟
السودان بلد مفتوح لكل من يريد الاستثمار والتعاون، ولكن عبر القنوات الرسمية، وليس عبر المليشيات أو إشعال الصراعات، إذا كانت هناك مصالح مشتركة، فيمكن تحقيقها من خلال شراكات اقتصادية وتنموية حقيقية، وليس عبر دعم أطراف مسلحة. فالسودان يسع الجميع إذا كانت النوايا صادقة.
ما الرسالة الأخيرة التي تود توجيهها للشعبين المصري والسوداني؟
أقول إننا أمام لحظة تاريخية يجب أن نستثمرها جيدًا، مصر والسودان كيان واحد، ومصيرهما مشترك منذ القدم، ما يقوم به الرئيس السيسي من جهود لحفظ وحدة السودان هو امتداد لدور مصر الطبيعي في المنطقة، وأثق أن التعاون بين البلدين سيقود إلى إنهاء الحرب، وبداية عهد جديد من السلام والتنمية في وادي النيل.
أقرأ أيضًا:
0 تعليق