عندما كتبنا في الأول من شهر تشرين الأول في هذه الزاوية بالذات تحت عنوان "لا انتخابات في أيار" قامت قيامة البعض ولم تقعد. وهذا البعض، على حدّ علمنا، هم أول المستفيدين من ألاّ تحصل الانتخابات النيابية في موعدها المفترض أن يكون نظريًا يوم الأحد في 17 أيار، وهو تاريخ غير محبّب على قلوب كثيرين. إلاّ أن ما تبيّن بعد "الحانا والمانا" أن جميع القوى السياسية، باستثناء قّلة، غير مستعدة لخوض غمار معركة انتخابية – سياسية غير معروفة النتائج، وذلك بفعل ما طرأ من تطورات على الساحة المحلية أدّت إلى تغيير كبير في مزاج الناخب اللبناني، الذي تكّونت لديه فكرة واضحة عمّا ستؤول إليه خياراته السياسية، التي لن تصّب بالتأكيد في مصلحة القوى، التي ساهمت إلى حدّ كبير في إيصال البلد إلى ما وصل إليه من انهيارات على كل المستويات وبكل الأحجام.
ومن اعترض بالأمس على توقعنّا بأن الانتخابات النيابية لن تحصل في أيار عاد اليوم إلى قناعة استحالة إجراء هذه الانتخابات، حتى ولو لم يكن على استعداد للاعتراف بهذه الحقيقة الواقعية على رغم مرارتها.
قد تشكّل استراحة عطلة الميلاد ورأس السنة فرصة أمام الجميع لإعادة قراءة متأنية لملف الاستحقاق النيابي، في ضوء التطورات السياسية الأخيرة، تمهيدًا لمرحلة مفاوضات يُتوقع انطلاقها مع مطلع العام الجديد، ربما في كانون الثاني وقد تمتد إلى شباط، بهدف التوصل إلى تسوية انتخابية ناضجة بدأ التداول بها منذ أسابيع في الكواليس السياسية، حتى ولو أن بعض القوى لا تزال تجزم بأن هذه الانتخابات ستحصل في موعدها الدستوري، من دون أن توضح عمليًا الألية التي ستُعتمد لهذه العملية في ظل عدم وضوح الرؤية بالنسبة إلى اقتراع المغتربين، وكذلك بالنسبة إلى التعديلات التي تطالب بها الحكومة لكي تستطيع إجراء هذه الانتخابات من دون إعطاء أي ذريعة قانونية لأي فريق سياسي لكي يقدّم طعنًا بصحّة هذه الانتخابات أمام المجلس الدستوري، خصوصًا أن لدى كل من وزارتي الداخلية والبلديات والخارجية والمغتربين قناعة راسخة باستحالة إجراء هذه الانتخابات في موعدها الدستوري إن لم يُدخل مجلس النواب التعديلات المطلوبة على القانون الحالي.
في المقابل، فإن "القوى السيادية" تعتبر أنه بتحقيق هذا الهدف تكون قد أصابت عصفورين بحجر واحد، أي أنها تكون قد ضمنت مشاركة واسعة للمغتربين من جهة، وأمنّت سلامة المقترعين الذين لا يتماهون مع سياسة "حزب الله" من جهة ثانية بعد أن يكون الجيش قد حصر السلاح بيده وحده دون سواه من قوى الأمر الواقع بما نسبته 80 في المئة على أقلّ تقدير.
قد يكون الحديث عن التوصل إلى هذه التسوية سابقًا لأوانه، إلا أن ما هو ثابت حتى إشعار آخر هو أن التمديد التقني لفترة شهرين أو ثلاثة أشهر أمر حاصل لا محال، مع استبعاد خيار التمديد للمجلس النيابي لولاية كاملة، أو لسنتين.
Advertisement












0 تعليق