فشل في الغناء وطرده عبدالوهاب.. «إمبراطور الشر الطيب» يُحيي أسطورة محمود المليجي

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

صدر مؤخرا عن دار «غايا» للطباعة والنشر، كتاب «محمود المليجي.. إمبراطور الشر الطيب» للكاتب الصحفي رشدي الدقن، في محاولة لإعادة قراءة السيرة الذاتية لأحد أعمدة التمثيل في السينما والمسرح العربي، بعيدًا عن القوالب الجاهزة والأساطير المتداولة.

ويفتح كتاب الدقن خزائن الذاكرة، ويزيح الستار عن أسرار تُنشر للمرة الأولى، استنادًا إلى وثائق وشهادات، فضلًا عن مذكرات كتبها محمود المليجي بنفسه ثم تراجع عن نشرها، رغم محاولات دار نشر عربية كبرى إغرائه بمبلغ كبير لإخراجها إلى النور.

الكتاب لا يحتفي بالمليجي «الشرير» كما أحبّه الجمهور، بل يفتش عن الإنسان قبل الدور، ويستعيد مسيرته من لحظات التعثر الأولى، حين كان الحلم أكبر من الأدوات، والطموح أوسع من الموهبة المكتشفة آنذاك. في السطور التالية نستعرض كتاب "محمود المليجي.. إمبراطور الشر الطيب" للكاتب الصحفي رشدي الدقن.

فشل مبكر في الغناء.. وطرد قاسٍ من محمد عبدالوهاب

يكشف الكتاب أن محمود المليجي، قبل أن يصبح أيقونة في التمثيل، حاول طرق أبواب الغناء. تدرب على يد أحد الفنانين المغمورين الذي أقنعه- زورًا- بجمال صوته، ليستمر في استنزاف مصروفه اليومي. 

وجاء الاختبار الحقيقي حين غنّى أمام الموسيقار محمد عبدالوهاب، الذي كان مكلفًا بتدريس الموسيقى لطلاب مدرسة «الخديوية». لم يتردد عبدالوهاب، فطرده من الفصل، مطالبًا إياه بألا يغني ثانية لأن صوته «نشاز».

لم يتوقف الفشل عند هذا الحد؛ إذ حاول المليجي الالتحاق بكازينو بديعة مصابني عازفَ عود، لكنه أخفق إخفاقًا ذريعًا، وتقطعت أوتار الكمان بين يديه، لتنتهي المحاولة بطرده شر طردة. كانت تلك الخيبات المتتالية مفترق طرق حاسمًا، دفعه إلى إعادة النظر في مساره، والعودة إلى شغفه الحقيقي: التمثيل.

 

تصحيح شائعات.. الأب لم يطرده

يفنّد الكتاب عددًا من الشائعات التي لاحقت المليجي لعقود، أبرزها زعم أن والده طرده من المنزل رافضًا عمله في التمثيل. الحقيقة، كما يوردها الكتاب بوثائق وشهادات، أن والده وعمه ذهبا لمشاهدته على خشبة مسرح فاطمة رشدي، وبعد العرض دعواه إلى العشاء. لم يكن الأب معارضًا، بل شجّعه وسانده، وخصص له ستة جنيهات شهريًا- وهو نفس المبلغ الذي كان يتقاضاه من المسرح- حتى يتمكن من الاستمرار في العمل الفني.

 

لا أشقاء.. ولا دفن حيّ

ومن بين الشائعات الأكثر قسوة، قصة وفاة شقيقته ودفنها حيّة. يوضح الكتاب كذب هذه الرواية جملةً وتفصيلًا؛ فالمليجي كان وحيدًا لا أشقاء له. ما جرى هو التباس عائلي قديم ارتبط بحالة غيبوبة لأحد الأقارب، ثم اكتشاف الأمر لاحقًا أثناء دفن شخص آخر من العائلة حادثة لا تمت بصلة للمليجي أو لأشقاء لم يوجدوا أصلًا.

 

السياسة في حياة طفل.. وطلقة في ثورة 1919

يفرد الكتاب فصلًا كاملًا لعلاقة محمود المليجي المبكرة بالسياسة. فمنذ طفولته، انخرط في أجواء الحركة الوطنية، وأثناء مشاركته في ثورة 1919 أُصيب بطلق ناري في قدمه، وكان عمره لم يتجاوز التاسعة. ثم عاد للمشاركة في مظاهرات 1930، حيث ألقي القبض عليه، ليظهر اسمه للمرة الأولى في الصحف ضمن قوائم المقبوض عليهم—واقعة تؤكد أن «إمبراطور الشر» على الشاشة كان في الواقع شريكًا في هموم وطنه منذ الصغر.

 

قراءة جديدة لـ«إمبراطور الشر الطيب»

«محمود المليجي.. إمبراطور الشر الطيب» ليس سيرة تقليدية، بل إعادة تركيب لملامح فنان صنعته الهزائم بقدر ما صنعته النجاحات، وصاغته السياسة كما صاغته الخشبة. كتاب يحاول أن يقول إن خلف قسوة الأدوار، كان يقيم إنسان شديد الحساسية، عرف الفشل مبكرًا، وخرج منه أقوى، ليكتب واحدًا من أنقى فصول تاريخ التمثيل العربي.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق