فى تبرير الدعم غير المشروط لإسرائيل.. المسيحية الصهيونية: الإيمان والهيمنة..

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

أثير مؤخرًا جدل بغيض عن الصهيومسيحية أو المسيحية الصهيونية.
المسيحية الصهيونية ليست تيارًا دينيًا هامشيًا، ولا اجتهادًا لاهوتيًا يمكن وضعه فى خانة «حرية المعتقد». هى أيديولوجيا سياسية، تشكل اليوم إحدى الركائز غير المعلنة لصناعة القرار الغربى، خاصة فى الولايات المتحدة الأمريكية، وتدار باسمها واحدة من أكثر عمليات القتل المنظم والاحتلال طويل الأمد فى التاريخ الحديث.

أرى أن من لا يتعامل معها بهذا الوصف السياسى، يخطئ الهدف، ويمنحها الغطاء الذى تحتاجه للاستمرار. هذه العقيدة لم تنشأ فى القدس، ولا فى روما، بل فى مختبرات الإمبراطورية البريطانية ثم الأمريكية. وتم تفصيلها لتؤدى وظيفة محددة، هى: تحويل إسرائيل من مشروع استيطانى قابل للنقد والمساءلة، إلى قدر مقدس محصن من القانون والمحاسبة والمساءلة.
من هذا المنطلق، يكون الاحتلال تنفيذًا لإرادة عليا، والمقاومة خروجًا على «الخطة الإلهية»، والضحية هو المتهم، والجلاد صاحب رسالة. وهنا لا يصنف إهدار الدم الفلسطينى باعتباره جريمة، بل مجرد أثر جانبى لمسار تاريخى افتراضى مزعوم.

لا تتفاعل المسيحية الصهيونية عبر خطاب موجه فقط، بل عبر تحقيق منظومة المصالح المتكاملة من تحالف مع شركات السلاح، وتداخل مع رأس المال الانتخابى، وهيمنة على الإعلام المحافظ، واختراق مباشر للكونجرس الأمريكى والبيت الأبيض. ولهذا لا تتبدل السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل، مهما تبدلت الشعارات وتغير رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية.. تظل عقيدتهم هى التى تحرك مجريات الأمور.

لا أبالغ إن كتبت أن الصهيونية اليهودية يمكن مواجهتها سياسيًا، لأنها تعترف ولو شكليًا بقواعد لعبة العلاقات الدولية. أما المسيحية الصهيونية فهى فوق القانون، وفوق الأخلاق، وحتى فوق مصلحة إسرائيل نفسها.. لأنها ترى فى إسرائيل أداة وليست غاية، وفى المنطقة ساحة اختبار.

أكبر عملية تزوير وأكبر كذبة فى هذا الملف هى تصويره كصراع دينى. رغم أن الحقيقة أبسط وأكثر فجاجة. نحن أمام تحالف أيديولوجى بين اليمين الدينى الغربى والمشروع الاستعمارى الإسرائيلى. وهو تحالف لا علاقة له مطلقًا بالمسيحية كدين، ولا بالقيم التى تتحدث عن العدالة أو الرحمة أو التسامح أو المحبة. إنه خلط موجه ومتعمد بين ثنائية الدين والسياسة كسلاح لتغيير الحقيقة.

أى محاولة لتفكيك المسيحية الصهيونية وفضحها هو نوع من نزع الغطاء الأخلاقى عن الاحتلال الإسرائيلى الغاشم، وكشف لازدواجية الغرب فى تعاطيه مع قضايا المنطقة، وكشف للعلاقة بين الدين والهيمنة والسيطرة. ولهذا يتم مهاجمة كل من يقترب من هذا الملف بوضوح واستهدافه، ليس لأنه مخطئ، بل لأنه كسر التابوهات المحرمة.

نقطة ومن أول الصبر..
وبناء عليه، المسيحية الصهيونية ليست رأيًا مختلفًا عليه، بل أيديولوجيا يجب تفكيكها ومواجهتها. هى ليست إيمانًا، بقدر ما هى تعبير عن مشروع القوة. وليست قراءة دينية، بل هى غطاء لحرب بدون قواعد على شعب مظلوم. وأى نقاش عن فلسطين يتجاهل ما سبق، سيظل يدور على الهامش، بينما تكمن المأساة الحقيقية فى العمق.
موقفى المستمر ضد ازدراء الأديان وتوظيفها واستغلالها واستخدامها لصالح أهداف وأجندات.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق