أكد الكاتب والباحث السوداني الهندي عز الدين أن مليشيا الدعم السريع تنتهج منذ اندلاع الحرب في السودان في 15 أبريل 2023 سياسة تدميرية ممنهجة تستهدف ركائز الدولة السودانية ومقومات الحياة الأساسية للمواطنين، في محاولة واضحة لإخضاع الشعب والضغط على الدولة عبر سلاح الفوضى والخراب.
وقال عز الدين في تصريحات خاصة لـ الدستور إن المليشيا لم تكتفِ بخوض مواجهات عسكرية، بل اتجهت بشكل متعمد إلى استهداف محطات الكهرباء والمياه والمستشفيات ومرافق الخدمات العامة، معتبراً أن هذا السلوك لا يمكن تفسيره إلا بوصفه نهجاً تخريبياً يهدف إلى شلّ الدولة، ودفع المواطنين إلى اليأس، وتحويل حياتهم اليومية إلى جحيم مستمر.
وأوضح أن هذه الممارسات جاءت مترافقة مع سجل واسع من الجرائم ضد الإنسانية، شمل القتل خارج القانون، والتعذيب، والاغتصاب، والنهب المنظم، وسرقة الممتلكات العامة والخاصة، مؤكداً أن ما ارتكبته مليشيا الدعم السريع يرقى إلى مستوى الجرائم الإرهابية المكتملة الأركان.
مليشيات الدعم السريع تنتهج اساليب داعش والقاعدة
وأضاف الهندي أن فظائع هذه المليشيا تفوق، من حيث الكم والنطاق، ما ارتكبته تنظيمات إرهابية مثل القاعدة وداعش في العراق وسوريا وليبيا، مشدداً على أن المقارنة ليست سياسية أو إعلامية، بل تستند إلى أرقام ووقائع موثقة من مراكز رصد دولية.
وأشار إلى أن مدينة الفاشر وحدها شهدت مقتل ما لا يقل عن 50 ألف مواطن، وفق تقديرات مراكز رصد أمريكية، من بينها مرصد جامعة ييل، وهو رقم يعكس حجم المأساة الإنسانية التي خلفتها المليشيا في دارفور، ويكشف مستوى العنف الممنهج الذي استهدف المدنيين بشكل مباشر.
ولفت عز الدين، إلى أن الطبيعة الوحشية لمليشيا الدعم السريع لا تنفصل عن استراتيجيتها العسكرية، حيث تعتمد على ضرب محطات الكهرباء في شمال ووسط السودان باستخدام الطائرات المسيّرة، التي تنطلق من قواعدها في دارفور وكردفان، في محاولة لخنق المدن الآمنة نسبياً وحرمان المواطنين من أبسط مقومات الحياة.
وبيّن أن الهدف الحقيقي من هذه الهجمات ليس عسكرياً، بل سياسي بامتياز، ويتمثل في ممارسة أقصى درجات الضغط على الشعب والدولة لإجبار الحكومة والجيش السوداني على الدخول في مفاوضات تعيد إنتاج المليشيا من جديد، وتمنح قادتها المتمردين فرصة العودة إلى المشهد السياسي والحكم.
وشدد على أن هذا السيناريو مرفوض تماماً من غالبية الشعب السوداني، الذي يدرك أن أي تسوية تعيد المليشيا إلى السلطة تعني عملياً شرعنة العنف، ومكافأة الجريمة، وفتح الباب أمام دورة جديدة من الفوضى والدمار.
وأوضح أن من يروجون لإعادة دمج المليشيا في الحكم لا يمثلون سوى أقلية محدودة، تضم عناصر مرتبطة بها، إلى جانب بعض القوى المدنية المحسوبة على تيارات اليسار، مؤكداً أن هؤلاء لا يعبرون عن الإرادة الحقيقية للشعب السوداني، الذي يبلغ تعداده نحو 50 مليون نسمة.
وختم عز الدين تصريحه بالتأكيد على أن معركة السودان اليوم ليست مجرد صراع على السلطة، بل معركة وجود وبقاء دولة، داعياً المجتمع الدولي إلى التعامل مع مليشيا الدعم السريع بوصفها تنظيماً إرهابياً، ومحاسبة قادتها على الجرائم التي ارتكبوها بحق الشعب السوداني، بدلاً من البحث عن تسويات سياسية تُبقي جذور الأزمة قائمة.













0 تعليق