تشارك الدكتورة نورة العتال في الدورة المقبلة من معرض القاهرة الدولي للكتاب بمجموعة مسرحية جديدة بعنوان «نقطة ضعف»، تضم ثلاث مسرحيات من فصل واحد، تقدم من خلالها رؤية إنسانية عميقة لعبث الحرب، والقهر، والهشاشة النفسية التي تصيب الإنسان في مواجهة العنف والضغوط المجتمعية.
وتتناول المجموعة المسرحية قضايا إنسانية شديدة الحساسية، تمزج بين البعد النفسي والرمز الاجتماعي والسياسي، كاشفةً عن أثر الحروب والصراعات والعلاقات غير المتكافئة على الفرد، سواء كان جنديًا في ساحة قتال أو امرأة داخل مجتمع يفرض قيوده القاسية.
عبث الحرب في المسرحية الأولى
في المسرحية الأولى، ترصد الكاتبة مأساة مجند قنّاص يُدعى «مازن»، يجد نفسه محاصرًا في منزل مهجور وسط مدينة خالية من سكانها، دون إمدادات أو تواصل مع القيادة، في حرب عبثية لا يعلم جنودها أسباب اندلاعها أو نهايتها. ويقف «مازن» بين رغبة غريزية في الحياة، وشعور زائف بالتقدير من قيادة بعيدة، وقسوة واقع يفرض عليه الطاعة وانتظار نهاية مجهولة.
وتكشف المسرحية الأبعاد النفسية العميقة لجندي لا يملك سوى تنفيذ الأوامر، في صراع داخلي بين السخط على الحرب، والرغبة في الانتقام الرمزي من صناعها الحقيقيين، ما يمنحه ملامح البطل التراجيدي الذي يسقط ضحية عبث القادة وصراعاتهم.
«نقطة ضعف».. إسقاط على العلاقات غير المتكافئة
أما المسرحية الثانية، التي تحمل عنوان المجموعة «نقطة ضعف»، فتتناول فكرة التراخي في الدفاع عن الحدود الشخصية والملكية الفردية، من خلال علاقة صديقتين وجارتين تمثلان نموذجًا لعلاقة القوي بالضعيف، والغني بالفقير، والطيب بالاستغلالي.
وتقدم المسرحية إسقاطًا رمزيًا على الطبيعة البشرية والعلاقات الاجتماعية والسياسية، حيث يُستغل الحياء والطيبة بوصفهما نقاط ضعف، في قراءة نقدية لمجتمع مسالم يُستباح ضعفه من قبل الآخر، سواء على مستوى الأفراد أو الشعوب.
المرأة والاغتراب في النص الثالث
وفي المسرحية الثالثة، تسلط الكاتبة الضوء على أزمة امرأة شابة حديثة الزواج، تهرب من منزلها ظنًا أن ورقة سقطت في يدها هي ورقة طلاق، بعد خلاف مع زوجها. وبعد أيام من الترقب والقلق، تكتشف أن الورقة ليست سوى إخطار ببعثة دراسية، في نص يعكس هشاشة العلاقات الإنسانية، وسوء الفهم، والخوف من الفقد.
وتناقش المسرحية نظرة المرأة لذاتها داخل مجتمع يفرض عليها قلقًا دائمًا بشأن الاستقرار، والزواج، والمكانة الاجتماعية، كاشفةً عن صراع داخلي بين الخوف والرغبة في الاستقلال.
رؤية إنسانية ناقدة
وتقدم «نقطة ضعف» تجربة مسرحية مكثفة، تعتمد على الرمز والبعد النفسي، وتطرح تساؤلات عميقة حول الحرب، والسلطة، والمرأة، والعلاقات الإنسانية، مؤكدة أن الأدب لا ينفصل عن الواقع، بل يعري تناقضاته ويكشف اختلالاته، مهما كانت مؤلمة.
ومن المقرر طرح المجموعة ضمن إصدارات معرض القاهرة الدولي للكتاب، لتضيف إلى المشهد المسرحي المعاصر عملًا يلامس القضايا الإنسانية بروح نقدية ورؤية فكرية واعية.

















0 تعليق