ضرب قطاع غزة منخفض جوي عميق وعاصفة قوية، أُطلق عليها اسم "بايرون"، مما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية غير المسبوقة في القطاع الذي يعاني بالفعل من دمار شامل في البنية التحتية والمنازل بعد حرب استمرت نحو عامين. خلال أقل من 24 ساعة، تسببت الأحوال الجوية القاسية في وفاة 11 مواطنًا وإصابة آخرين، بالإضافة إلى انهيارات متتالية وغرق واسع في مناطق متعددة، وذلك في ظل غياب أي مأوى آمن لإيواء النازحين.
وبحسب وكالة الأنباء الفلسطينية، فإن الكارثة الجوية أدت إلى مصرع خمسة مواطنين وإصابة آخرين جراء انهيار منزل كان يؤوي نازحين في منطقة بئر النعجة ببيت لاهيا شمال القطاع، كما توفي مواطنان آخران بعد سقوط حائط كبير على خيام نازحين في حي الرمال غرب مدينة غزة. ولم تقتصر الوفيات على الانهيارات؛ فقد أودى البرد القارس بحياة طفلة في مدينة غزة ورضيع في مخيم الشاطئ، بينما توفي مواطن آخر جراء انهيار جدار في المخيم ذاته. كما أدت الأحوال الجوية إلى إصابة طفلين عقب سقوط خيمتهما في مخيم أبو جبل بمنطقة العمادي، ووفاة رضيعة داخل خيام النازحين في منطقة المواصي بخان يونس بسبب البرد القارس.
ارتفاع مأساوي في حصيلة الضحايا والانهيارات
من جانبها، أوضحت طواقم الدفاع المدني أن ما لا يقل عن عشرة منازل انهارت خلال الساعات الماضية، كان آخرها منزلان في حي الكرامة وحي الشيخ رضوان، حيث تم إجلاء سكان منزل عائلة داربيه وإجلاء عائلة المدهون في محيط دوار الكرامة شمالي القطاع. كما أدى المنخفض إلى غرق مخيمات كاملة في منطقة المواصي بخان يونس، وتضرر مناطق واسعة في "البصة والبركة" بدير البلح، و"السوق المركزي" في النصيرات، فضلًا عن منطقتي اليرموك والميناء في مدينة غزة. وتواصل فرق الإنقاذ والدفاع المدني جهودها لإغاثة المتضررين وإجلاء العائلات من المناطق المنكوبة وسط تحذيرات من تفاقم الأوضاع الإنسانية في ظل استمرار الأحوال الجوية القاسية.
خسائر تتجاوز 4 ملايين دولار
وفي سياق التقديرات الرسمية للأضرار، قال مدير المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة إسماعيل الثوابتة، اليوم السبت، إن المنخفض الجوي يشكل "كارثة إنسانية مركبة"، وأن الخسائر الأولية الناجمة عنه بلغت نحو 4 ملايين دولار. وأضاف الثوابتة، أن قطاع الخيام في غزة كان الأكثر تأثرًا بالمنخفض الجوي، إذ تضررت نحو 53 ألف خيمة بشكل جزئي أو كلي، فيما كانت مصادر طبية في غزة قد أفادت بوفاة 14 شخصًا بينهم 6 أطفال بسبب البرد، وانهيار أكثر من 15 منزلًا في مناطق عدة بمدينة غزة.
ووصف المكتب الإعلامي الحكومي المنخفض الجوي بأنه "كارثة إنسانية مركبة"، مؤكدًا أن أكثر من مليون ونصف مليون نازح يعيشون حاليًا في مراكز إيواء مؤقتة ومناطق نزوح قسري. وأفاد المكتب أن نحو مليون شخص تضرروا بشكل مباشر، من بينهم 250 ألف نازح تأثروا بشكل حاد، مشيرًا إلى أن أكثر من 27 ألف خيمة غرقت أو انجرفت، وانهار 13 منزلًا بالكامل جراء السيول والأمطار الغزيرة. وكشف المكتب أن الخسائر تجاوزت 4 ملايين دولار أمريكي، مع تعطيل خطوط نقل المياه وتوقف عشرات النقاط الطبية المؤقتة عن العمل، وحمّل المكتب الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية المباشرة عن تفاقم الكارثة لاستمراره في إغلاق جميع المعابر ومنع إدخال المساعدات الإنسانية والمواد الأساسية، مما يعيق جهود الإنقاذ. ودعا المكتب المجتمع الدولي والوسطاء إلى "التحرك العاجل للضغط على الاحتلال لفتح المعابر فورًا"، محذرًا من أن "الوضع الإنساني في جميع أنحاء القطاع أصبح كارثيًا ولا يُحتمل".
"إغلاق المعابر يعيق الإغاثة.. اليونيسف" تحذر والبلدية تستغيث
بالتوازي مع الكارثة، حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف"، اليوم السبت، من تزايد مخاطر تفشي الأمراض بين أطفال قطاع غزة، داعية لتكثيف إدخال المساعدات الإنسانية، لا سيما الملابس والخيام في ظل الظروف الجوية القاسية. وأوضحت المنظمة - في بيان نقلته وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا"- أن الأوضاع الحالية تهدد سلامة الأطفال بشكل متزايد مع استمرار المنخفض الجوي وتأخر وصول الإمدادات الأساسية، مطالبة بالسماح بنقل المساعدات الإنسانية وإمدادات الشتاء المتراكمة على الحدود بشكل آمن وسريع.
80% انخفاض في قدرة تصريف المياه وتدمير ممنهج للبنية التحتية
كما أكد حسني نديم المتحدث باسم بلدية غزة، أن مدينة غزة تعيش اليوم وضعًا كارثيًا بشكل غير مسبوق نتيجة المنخفض الجوي العنيف. وقال نديم - في مداخلة تلفزيونية اليوم الجمعة - إن جهود فرق الإغاثة جارية ومستمرة لكن الوضع كارثي بكل ما تحمله الكلمة من معنى لما تسبب به المنخفض من انهيار المباني السكنية المدمرة بالأساس بفعل الاحتلال الإسرائيلي. وأشار إلى أن طواقم البلدية تعمل بإمكانيات بسيطة ومحدودة جدًا، وقد استقبلت أكثر من ألف إشارة تتعلق بإشكاليات ناجمة عن الدمار الكبير في البنية التحتية، ومن ضمنها انسداد مصارف مياه الأمطار والصرف الصحي. وأوضح نديم أن الاحتلال دمر أكثر من 1300 مصرف في مدينة غزة وحدها من أصل 4400 مصرف، بالإضافة إلى أكثر 220 ألف متر طول من شبكات تصريف المياه، مما أدى إلى انخفاض القدرة التصريفية بنسبة 80%، مشددًا على الحاجة الملحة لدخول عدد كبير من المساكن المتنقلة البديلة "الكرفانات" لسكان مدينة غزة الذين يعانون بشكل كبير جراء خيام النزوح غير الصالحة.











0 تعليق