تقرير عالمي جديد يحذر من "تحول استبدادي سريع" في الحريات المدنية الأمريكية

البوابة نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تشير دراسة عالمية جديدة للحريات المدنية، نُشرت مساء أمس الثلاثاء، إلى أن الولايات المتحدة تُظهر بوادر تحول استبدادي سريع. ويحذر التقرير، الصادر عن "سيفيكوس"، وهو تحالف دولي للمجتمع المدني يرصد صحة الحيز الديمقراطي في جميع أنحاء العالم، من أن الحريات المدنية في الولايات المتحدة قد تدهورت بشكل حاد منذ عودة الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، حسبما ذكرت مجلة "تايم" الأمريكية.

وقد خفضت "سيفيكوس" تصنيف الولايات المتحدة من "محدودة" إلى "معوقة"، مسجلةً بذلك أدنى تصنيف لها منذ السنة الأخيرة من ولاية ترامب الأولى. ويأتي هذا التغيير بعد أشهر من إضافة المنظمة الولايات المتحدة إلى قائمتها العالمية لمراقبة حقوق الإنسان.

تحذيرٌ شديد اللهجة بشأن تراجع الديمقراطية

في تقريرها، تُشير منظمة "سيفيكوس"  إلى أن الديمقراطيات العريقة تشهد "تحولًا استبداديًا سريعًا"، مُستشهدةً بضعف سيادة القانون وتزايد القيود المفروضة على المجتمع المدني المستقل. وتُحدد المنظمة الأرجنتين والولايات المتحدة كأمثلة بارزة على هذا التوجه.

يتراوح تصنيف "سيفيكوس"، المُكوّن من خمس فئات، من "مفتوح" إلى "مغلق". ويُشير تصنيف "مُعاق" - المُطبق حاليًا على الولايات المتحدة - إلى أن الأفراد يواجهون عوائق قانونية وعملية كبيرة أمام ممارسة الحريات الأساسية، مثل التجمع السلمي وحرية التعبير والتنظيم المدني. ووفقًا للتقرير، غالبًا ما تلجأ الحكومات في هذه الفئة إلى المراقبة والضغط البيروقراطي والقمع الأمني لكبح المعارضة.

لماذا خفضت "سيفيكوس"  تصنيف الولايات المتحدة؟

تعزو المنظمة هذا التخفيض في التصنيف بشكل أساسي إلى الإجراءات التي اتخذتها إدارة ترامب، وذكرت أن الرئيس "أصدر أوامر تنفيذية غير مسبوقة تهدف إلى تقويض المؤسسات الديمقراطية والتعاون العالمي والعدالة الدولية".

الرد العسكري على الاحتجاجات

يسلط التقرير الضوء على ما وصفه بقمع عسكري للاحتجاجات ضد سياسات ترامب المتعلقة بالهجرة. فقد تم إرسال قوات إلى عدة مدن أمريكية، بما في ذلك آلاف من أفراد الحرس الوطني ومئات من مشاة البحرية الذين تم نشرهم في لوس أنجلوس خلال مظاهرات الصيف التي اندلعت بسبب حملات مداهمة عنيفة من قبل سلطات الهجرة.

وفي سبتمبر، قضى قاضٍ فيدرالي بأن ترامب انتهك القانون الفيدرالي باستخدامه الجنود لإنفاذ القانون المحلي، وخلص إلى أن إدارته "استخدمت بشكل منهجي جنودًا مسلحين" للسيطرة على الاحتجاجات.

استهداف النشطاء المؤيدين للفلسطينيين

تشير منظمة "سيفيكوس" أيضًا إلى إجراءات تتعلق بالتأشيرات استهدفت الطلاب والنشطاء المؤيدين للفلسطينيين. فقد ألغت الإدارة مئات التأشيرات الطلابية بموجب بنود نادرة الاستخدام من قانون الهجرة والجنسية لعام 1952، بحجة "دعم الإرهاب".

وقد تم اعتقال ما يقرب من 100 متظاهر خلال اعتصام في برج ترامب للمطالبة بالإفراج عن الطالب بجامعة كولومبيا والناشط الفلسطيني محمود خليل. ويشير التقرير أيضًا إلى برنامج فيدرالي - يُعرف بشكل غير رسمي باسم "القبض والإلغاء" - يستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي لفحص حسابات حاملي التأشيرات على وسائل التواصل الاجتماعي بحثًا عن أنشطة يُزعم أنها "مؤيدة لحماس".

ضغوط متزايدة على الصحافة

يحذر التقرير من أن حرية الصحافة تتعرض "لضغوط متزايدة" مع تصعيد الإدارة الأمريكية لهجماتها العلنية على وسائل الإعلام الرئيسية، وسعيها لتقييد وصول وسائل الإعلام إلى البيت الأبيض والبنتاجون.

ويسلط التقرير الضوء على عدة تطورات مثيرة للقلق، من بينها:

  • إلغاء برامج حوارية رئيسية: أوقفت قناة ABC بث برنامج Jimmy Kimmel Live! مؤقتًا بعد أن هدد رئيس لجنة الاتصالات الفيدرالية باتخاذ إجراءات تنظيمية. وقبل ذلك بأشهر، ألغت قناة CBS برنامج The Late Show مع ستيفن كولبير، بينما كانت الشركة الأم تنتظر موافقة لجنة الاتصالات الفيدرالية على عملية اندماج كبيرة.
  • مضايقات قضائية وسياسية: أثارت الدعاوى القضائية المتعددة التي رفعها ترامب ضد مؤسسات إخبارية قلقًا بالغًا بين المدافعين عن حرية التعبير.
  • تخفيضات في تمويل وسائل الإعلام العامة: وقّع ترامب تشريعًا يلغي تمويلًا بقيمة 1.1 مليار دولار لمؤسسة البث العام، ما دفع هذه المؤسسة غير الربحية إلى البدء في تقليص عملياتها التي تدعم شبكة PBS وإذاعة NPR ومئات المحطات المحلية.

الولايات المتحدة في سياق عالمي

صُنّفت الولايات المتحدة آخر مرة ضمن فئة "المعاقة" في عامي 2020 و2021 قبل أن يتم رفع تصنيفها لاحقًا خلال ولاية الرئيس جو بايدن. ويعكس هذا التراجع الأخير اتجاهًا عالميًا أوسع نطاقًا: إذ لا تتمتع سوى 39 دولة من أصل 198 دولة قيّمتها منظمة "سيفيكوس"  بمساحة مدنية "مفتوحة" اليوم، ما يترك ما يقرب من ثلاثة أرباع سكان العالم يعيشون في ظل شكل من أشكال تقييد الحريات المدنية.

وبينما تحسّنت دول مثل السنغال وموريتانيا والجابون في مؤشر هذا العام، تراجعت تصنيفات العديد من الديمقراطيات الكبرى - بما في ذلك فرنسا وألمانيا وإيطاليا - إلى جانب الولايات المتحدة. كما شهدت الأرجنتين وإسرائيل وسويسرا تراجعًا أيضًا.

مساحة متضائلة للمشاركة الديمقراطية

يرسم تقرير سيفيكوس الجديد صورة قاتمة للمشهد المدني في الولايات المتحدة في ظل تصاعد الاستقطاب السياسي والضغوط المؤسسية. وبينما تواصل منظمات المجتمع المدني عملها، يحذر التقرير من أن تراكم الإجراءات التنفيذية، وردود فعل أجهزة إنفاذ القانون، وتشديد إجراءات منح التأشيرات، والضغوط على وسائل الإعلام، كلها مؤشرات مجتمعة على بيئة تزداد فيها العقبات أمام المشاركة الديمقراطية.

ومع تقلص الحيز المدني العالمي، تنضم الولايات المتحدة - التي لطالما اعتُبرت نموذجًا يُحتذى به في المعايير الديمقراطية - إلى قائمة متنامية من الدول التي تعاني من تآكل الحريات الأساسية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق