اختتمت العاصمة القطرية فعاليات النسخة الأولى من "مهرجان الدوحة السينمائي" بعد ثمانية أيام حافلة بالنشاط الفني والثقافي. شهد المهرجان، الذي أسدل الستار عليه مساء الجمعة، عرض 97 فيلمًا ملهمًا من 62 دولة، ليعكس بذلك تنوعًا ثقافيًا واسعًا. وقد تميزت هذه الدورة ببرنامج غني ضم العرض العربي الأول لفيلم "صوت هند رجب" للمخرجة كوثر بن هنية، الذي افتتح المهرجان، إلى جانب مجموعة من المبادرات المجتمعية والفعاليات الموسيقية التي عززت من مكانة المهرجان كمنصة إبداعية شاملة.
في سياق الحفل الختامي، شددت السيدة فاطمة حسن الرميحي، مديرة المهرجان والرئيس التنفيذي لمؤسسة الدوحة للأفلام، على الرسالة الجوهرية للحدث. وأكدت في كلمتها التزام دولة قطر الراسخ بدعم الأصوات السينمائية الجديدة والسرديات الجريئة، مشيرة إلى أن المهرجان يمثل "وعدًا باستمرارية الإبداع". وقد ركزت الرميحي على دور السينما كجسر إنساني يتجاوز الحدود والجغرافيا، فاتحًا الباب أمام حوار حضاري وتفاهم أعمق، وهو ما تجسد في طبيعة الأفلام المختارة التي حملت قصصًا مؤثرة من خلفيات ثقافية متعددة.
شهدت أروقة المهرجان اهتمامًا نقديًا وجماهيريًا بأفلام تناولت قضايا إنسانية وسياسية ملحة. برز الحضور الفلسطيني بشكل لافت من خلال فيلم "كان يا ما كان في غزة" للأخوين ناصر (الفائز بجائزة نظرة ما في كان)، وفيلم "صوت هند رجب". كما تضمنت القائمة أعمالًا بارزة أخرى مثل "بابا والقذافي" للمخرجة جيهان، و"مملكة القصب" للمخرج حسن هادي، و"ملكة القطن" لسوزانا ميرغني، مما يعكس توجه المهرجان نحو السينما التي تثير النقاش وتوثق الواقع.
القصص الإنسانية تتصدر جوائز مهرجان الأفلام مع تكريم المواهب المحلية والدولية
توج المهرجان نجاحه بإعلان نتائج مسابقاته الأربع الرئيسية، والتي جاءت تحت إشراف لجان تحكيم دولية ضمت قامات سينمائية عالمية (مثل المخرج ريثي بان والممثل ظافر العابدين)، وجاءت النتائج كالتالي:
هيمنت القصص الإنسانية على جوائز هذه الفئة، حيث حصد فيلم "مدينة لا تنام" للمخرج غاليرمو جالو جائزة أفضل فيلم روائي طويل، بينما ذهبت جائزة أفضل وثائقي لفيلم "بابا والقذافي". وتميزت المشاركة الفلسطينية بحصول الممثلين مجد عيد ونادر عبد الهادي على جائزة أفضل أداء عن فيلم "كان يا ما كان في غزة"، بالإضافة لجوائز الإنجاز الفني التي مُنحت لكمال الجعفري وتشي هياكاوا.
خصص المهرجان مساحة للاحتفاء بالمواهب المحلية، حيث فاز فيلم "فهد الغاضب" للمخرج جاستن كريمر بجائزة أفضل فيلم، ونال بطله رشيد الشيب "جائزة عبد العزيز جاسم لأفضل أداء". كما حصدت إيمان ميرغني جائزة الإخراج عن فيلمها "فيلا 187"، مما يعكس تطور المشهد السينمائي المحلي في قطر.
في فئة الأفلام القصيرة الدولية، نال فيلم "سامبا إنفينيتو" الجائزة الكبرى. أما مسابقة "أجيال"، التي حُكمت بواسطة لجنة شبابية (16-25 عامًا)، فقد اختارت فيلم "صوت هند رجب" كأفضل فيلم طويل. واختتمت الجوائز باختيار الجمهور لفيلم "ملكة القطن"، مما يؤكد التفاعل الكبير للحضور مع القصص ذات الطابع الاجتماعي والإنساني.
0 تعليق