لم يكن الانضمام إلى حلم "البوابة" صدفة أبدًا ولكنه كان ومازال حلمًا يراودنى كما راود الكثيرين من جيلى.. فلم لا؟ مؤسسة صحفية تقوم على مركز أبحاث عريق تميز بأنه الأفضل فى المنطقة بفضل مؤسسه الذى أنشأه فى التسعينيات وأفنى حياته باحثًا فى واحد من أخطر الملفات فى الصحافة والإعلام بشكل عام والمجال البحثى بشكل خاص.
عدت من برايتون حاملة شهادة الدبلومة التى أكملتها عقب تخرجى من الجامعة وتحديدًا فى تخصص الإذاعة والتليفزيون والذى لم ولن يأخذنى أبدًا من شغفى للكتابة والصحافة تلك المهنة التى مارستها كمتدربة من أول يوم لى بالجامعة وحتى تخرجى فى موقع وجريدة اليوم السابع والتى بالتأكيد تعلمت فيها الكثير.
وعندما التحقت بكتيبة "البوابة" منذ تأسيسها كانت فى ريعان شبابها فلم يكن الاسم معروفًا لدى الكثيرين كما هو الحال الآن فتدخل ساحة وزارة ما لتغطية مؤتمر أو حضور فعالية أو تذهب لمتابعة مؤتمر فى مدينة أو بلد ما فيتم توجيه هذا السؤال المعتاد: البوابة نيوز عبدالرحيم على؟.
نعم فلقد اكتسب الموقع والجريدة وزنهما وثقلهما بين المواقع والصحف الأخرى من اسم مؤسس الكيان وهذه مقولة كانت تردد على ألسنة صحفيى "البوابة" أنفسهم.. حتى وإن فكرت أن تذهب إلى بائع الصحف لتتبضع نسختك الورقية من هناك فتستمع من البائع إلى هذه الجملة بذهول شديد: جرنال عبدالرحيم على؟!.
وأفاجئكم جميعًا.. فلم يكن هذا السيناريو يعجب عبدالرحيم على نفسه أو يرضيه فقد كان يكررها على مسامع الصحفيين مرارًا وتكرارًا فى كل اجتماعات المؤسسة فى قاعة الاجتماعات وهى مسجلة ومصورة وحضرها مئات الصحفيين فكان يقولها بعلو الصوت "يا جماعة عايزين اسم البوابة نيوز هو اللى يردد وأن تصنعوا انتم من الاسم أهمية ورمزية وليس أن يقترن باسمى طوال الوقت".
فلقد صنع الرجل اسمه بالفعل.. هو لا يحتاجه أن يًردد فلديه مركز أبحاث عريق ولديه مجلدات قيمة باسمه وأعمال تمت ترجمتها بثلاث لغات وبرامج أصبحت هى الأشهر فى الوطن العربى وما إلى ذلك، ولكن هذا المكان هو الذى أمامه الوقت والعمر حتى ترسخوا اسمه وتجعلوا منه اسمًا مهمًا فى عالم الصحافة.
و لعل ما أذكره الآن وهذا ليس تقليلًا من زملائى الصحفيين الذين زاملتهم على مدار عشر سنوات وأكثر أعطيت لهذا المكان الكثير من الجهد والعمل والذى يشهد عليه المحب والكاره والحاقد، فالعمل الصحفى المتميز يفرض نفسه. فلقد أجريت أهم الحوارات والتغطيات الصحفية فى خضم أهم الأحداث الدولية على الساحة وكنت كل يوم أصقل نفسى بمهارة جديدة ولغة جديدة حتى أستطيع أن أعطى أكثر وأكثر.
وخلال تلك السنوات تقابلت مع أهم رؤساء التحرير الصحف والمواقع المصريين بحكم حضور الفعاليات الهامة أو تغطية الأحداث الراهنة فقد اعترفوا جميعا بأن ما يميز البوابة نيوز هو مركزها البحثى وتألقها وتميزها فى ملف الإسلام السياسى تحديدا وأن الجميع يقدم أخبارا ويتسابق أحيانا على التريند، ولكن يبقى البحث هو النقطة المتميزة والمختلفة والتى ربما صنعت أهم الملفات التى قامت بنشرها البوابة حتى أن أصعب معارك هذه الصحيفة وأبرزها على الإطلاق قادها مؤسسها نفسه والتى تتعلق بكتاباته وتصريحاته وقناعاته وحروبه الشرسة التى خاضها ضد الإخوان والتنظيمات الإرهابية.
واليوم، ومع انقضاء العام الحادى عشر للبوابة واتخاذها قرار التصفية فبالتأكيد أنا حزينة على نهاية الحلم مثلى مثل كثيرين من زملائى الأعزاء ولكن ما يسعدنى حقا وما يجعلنى فخورة بمؤسس هذا الحلم هو أننى أعى وأدرك تمامًا كم ما بذله من تضحيات ومن تفكير وعناء حتى يوفر للزملاء رواتبهم من جيبه الخاص على مدار السنوات الأخيرة والتى تعثرت فيها المؤسسة ماديًا مثلها مثل الكثير من الصحف والمواقع الأخرى.
سواء صدق البعض أو لم يصدقوا فهذه هى الحقيقة أمام الله والتى لم يكن ليجرؤ أى رئيس تحرير لجريدة أخرى فى مصر أن يفعلها أو يُقدم عليها.. فهذه مغامرة من العيار الثقيل ولكن الرجل اختار أن يغامر وانحاز للزملاء ولكنه فى النهاية اصطدم بالحقيقة وهى أنه كان يجب عليه التوقف حينما كانت تجبره كل الظروف على التوقف.
وأخيرًا فالأزمات تجدد الأحلام وتكشف المعادن وأنا كلى ثقة وعلى يقين أن من أسس هذا الحلم وهذا الصرح العظيم وساهم فى بناء هذا الجيل من الصحفيين قادر على صنع المزيد وتحقيق الأفضل.. ولكن رسالتى لك: لتأخذ استراحة محارب تتفرغ بعدها للمعارك الكبرى التي حتمًا ينتظرك منها الكثير.











0 تعليق