طرح الدكتور خالد حنفي، أمين عام اتحاد الغرف العربية، رؤية شاملة لتعزيز التكامل الصناعي والاقتصادي في منطقة البحر الأبيض المتوسط، وذلك خلال مشاركته في إطلاق "إعلان برشلونة للقطاع الخاص" بمدينة برشلونة في إسبانيا، ضمن أعمال المنتدى الاقتصادي والتجاري الأوروبي المتوسطي 2025 الذي يتزامن مع مرور 30 عامًا على إعلان برشلونة.
وأوضح أن المنطقة أصبحت بحاجة ملحة للانتقال من مرحلة التعاون التقليدي إلى مرحلة التكامل الصناعي الحقيقي بين ضفتي المتوسط، خاصة في ظل المتغيرات العالمية المتسارعة.
الحاجة إلى تكامل صناعي حقيقي
وأكد حنفي أن الصناعة في المنطقة العربية ما تزال تعاني من ضعف واضح، إذ لا تتجاوز نسبة التصنيع 14% من الناتج المحلي الإجمالي، بينما تسجل بعض دول جنوب أوروبا وشمال أفريقيا أقل من 16%. واعتبر أن هذا الخلل يستوجب بناء سلاسل قيمة إقليمية تربط الإنتاج بين الشمال والجنوب، مع الاستثمار في اللوجستيات والطاقة المتجددة ونقل التكنولوجيا، مشددا على أن اتحاد الغرف العربية يدعو بقوة إلى إنشاء ممر صناعي عربي–أوروبي يربط موانئ المتوسط بالمناطق الصناعية والبنية التحتية الرقمية، بما يسمح بإنتاج صناعات مشتركة وتوسيع الصادرات إلى الأسواق الآسيوية والأفريقية.
وأشار أمين عام اتحاد الغرف العربية إلى أن البحر الأبيض المتوسط يمتلك موقع استراتيجي استثنائي يجعله أحد أكثر الممرات الاقتصادية ازدحام في العالم، إذ يمر عبره أكثر من 20% من التجارة البحرية العالمية. ورأى أن هذا الموقع يمنح المنطقة فرصة لتأسيس منظومة صناعية ولوجستية متقدمة يمكنها تعزيز التحول نحو اقتصاد قائم على الصناعة والابتكار والاستدامة، خاصة مع اتساع مشروعات الطاقة المتجددة، وتطور تقنيات الذكاء الاصطناعي والصناعة 4.0، وتنامي الاهتمام العالمي بالاقتصاد الأخضر.
وثيقة الالتزام والتحول
وفي حديثه عن إعلان برشلونة للقطاع الخاص، شدد حنفي على أن الإعلان يمثل التزاما جديدا بإنشاء منطقة متوسطية أكثر مرونة وازدهارها وقدرة على تحويل التحديات إلى فرص، مؤكدًا أن مستقبل المتوسط لن يبنى إلا من خلال رؤية مشتركة تتقاسم فيها الدول prosperity عبر الحدود، ويقود فيها القطاع الخاص دورا محوريا في تشكيل السياسات وتنفيذ مشروعات التنمية الصناعية والتجارية.
مشروعات تكاملية
وكشف حنفي عن مجموعة من المبادرات التي يقترحها اتحاد الغرف العربية لتعزيز التكامل الصناعي، من بينها إنشاء مركز لتبادل الهيدروجين المتوسطي ليكون منصة للربط بين المنتجين في الجنوب والمشترين الصناعيين في أوروبا، إلى جانب تأسيس سلسلة تصنيع غذاء زراعي متوسطية تعتمد على شهادة صناعية موحدة تقلل وقت الامتثال بنسبة تصل إلى 40%، فضلًا عن إطلاق سلسلة عربية–أوروبية مشتركة للأمن الدوائي والصحي من خلال بناء سوق إقليمية للأدوية تتجاوز قيمتها 50 مليار دولار ضمن مبادرة MED-30، تهدف إلى تحقيق اكتفاء دوائي وتكامل إنتاجي عابر للحدود.
تفعيل دور القطاع الخاص في وضع سياسات المنطقة
وأوضح أن الذكرى الثلاثين برشلونة تمثل فرصة لتجديد التفاهمات الإقليمية وتعزيز آليات الحوار بين القطاعين العام والخاص في إطار الاتحاد من أجل المتوسط، لضمان مشاركة القطاع الخاص في وضع أجندة التنمية المستقبلية للمنطقة. وختم «حنفي» بالتأكيد على أن هذا العقد يجب أن يكون عقد العمل، وليس عقد الانتظار أو المؤتمرات، مشيرًا إلى أن المنطقة تمتلك الجغرافيا والتاريخ والقدرات التي تؤهلها للتنافس عالميا، وأن المطلوب اليوم هو شراكات حقيقية ولغة مشتركة قوامها الصناعة والابتكار وسلاسل القيمة المشتركة.



0 تعليق