غزة بين المطرقة الأمريكية والسندان الدولى.. خطة ترامب تفرض وصاية وتفتح باب الدولة المستقبلية

البوابة نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في تحول قد يعيد رسم ملامح الصراع في غزة والمنطقة بأسرها، صوّت مجلس الأمن الدولي لصالح قرار أمريكي المنشأ يمنح خطة الرئيس دونالد ترامب لإنهاء الحرب في القطاع غطاءً دوليًا غير مسبوق، ويفتح الباب أمام نشر قوة استقرار متعددة الجنسيات لأول مرة داخل الأراضي الفلسطينية. ويأتي التصويت بعد أكثر من عامين من القتال، وفي لحظة يتقاطع فيها الإرهاق الدولي مع حسابات سياسية معقدة، وسط جدل محتدم حول مستقبل غزة وشكل الحكم فيها.
وبينما ترى واشنطن في القرار خطوة تؤسس لـ"مرحلة انتقالية" تنهي نفوذ حماس وتعيد إعمار غزة، تعتبره الحركة محاولة لفرض وصاية دولية تنتزع حق المقاومة، فيما تتوجس موسكو وبكين من هيمنة أمريكية على المشهد الجديد. أما السلطة الفلسطينية، فترحب بالقرار باعتباره نافذة نادرة نحو مسار سياسي قد يفضي- نظريًا- إلى دولة فلسطينية، في وقت يواجه فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضغوطًا داخلية متصاعدة ترفض أي حديث عن الدولة من الأساس. هكذا يجد القرار نفسه عند نقطة تقاطع بين الأمل والمخاوف، وبين التحول التاريخي والإملاء السياسي، بينما تبقى غزة مسرحًا لكل هذه الصراعات المتداخلة.
صوت مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يوم الاثنين لصالح اعتماد قرار صاغته الولايات المتحدة يؤيد خطة الرئيس دونالد ترامب لإنهاء الحرب في غزة ويسمح بنشر قوة استقرار دولية في القطاع الفلسطيني.

 

المرحلة الأولى من خطة ترامب

وافقت إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية الشهر الماضي على المرحلة الأولى من خطة ترامب المكونة من ٢٠ نقطة لغزة - وقف إطلاق النار في حربهما المستمرة منذ عامين وصفقة إطلاق سراح الرهائن - لكن قرار الأمم المتحدة يُنظر إليه على أنه حيوي لإضفاء الشرعية على هيئة حكم انتقالية وطمأنة الدول التي تفكر في إرسال قوات إلى غزة.


ينصّ نصّ القرار على إمكانية مشاركة الدول الأعضاء في مجلس السلام الذي يرأسه ترامب، والمُتصوّر كسلطة انتقالية تُشرف على إعادة إعمار غزة وإنعاشها اقتصاديًا. كما يُجيز القرار قوة الاستقرار الدولية، التي ستضمن عملية نزع السلاح من غزة، بما في ذلك نزع الأسلحة وتدمير البنية التحتية العسكرية.
وأكدت حماس في بيان لها أنها لن تتخلى عن سلاحها، واعتبرت أن قتالها ضد إسرائيل هو مقاومة مشروعة، مما قد يضع الجماعة المسلحة في مواجهة مع القوة الدولية التي يخولها القرار.
وقالت حماس في بيان لها صدر بعد اعتماد القرار، إن "القرار يفرض آلية وصاية دولية على قطاع غزة، وهو ما يرفضه شعبنا وفصائله".
وقال مايك والتز، السفير الأمريكي لدى الأمم المتحدة، إن القرار، الذي يتضمن خطة ترامب المكونة من ٢٠ نقطة كملحق، "يرسم مسارًا محتملًا لتقرير المصير الفلسطيني... حيث ستفسح الصواريخ المجال لأغصان الزيتون وهناك فرصة للاتفاق على أفق سياسي".
وقال والتز للمجلس قبل التصويت: "إن هذا القرار يفكك قبضة حماس، ويضمن انتعاش غزة خالية من شبح الإرهاب، ومزدهرة وآمنة".
وكانت روسيا، التي تتمتع بحق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن، قد أشارت في وقت سابق إلى معارضتها المحتملة للقرار، لكنها امتنعت عن التصويت، مما سمح بمرور القرار.
واشتكى سفيرا روسيا والصين لدى الأمم المتحدة، واللذان امتنعا عن التصويت أيضا، من أن القرار لا يمنح الأمم المتحدة دورا واضحا في مستقبل غزة.
وقال السفير الروسي فاسيلي نيبينزيا للمجلس عقب التصويت: "في جوهر الأمر، يعطي المجلس مباركته لمبادرة أميركية على أساس وعود واشنطن، وتمنح السيطرة الكاملة على قطاع غزة لمجلس السلام وقوات الاستقرار الدولية، والتي لا نعرف شيئا عن آلياتها حتى الآن".
أصدرت السلطة الفلسطينية بيانًا رحبت فيه بالقرار، وأعربت عن استعدادها للمشاركة في تنفيذه. وقال دبلوماسيون إن موافقة السلطة على القرار الأسبوع الماضي كانت عاملًا أساسيًا في منع روسيا من استخدام حق النقض (الفيتو).

 

لحظة تاريخية حقيقية

احتفى ترامب بالتصويت واصفًا إياه بـ"لحظة تاريخية حقيقية" في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي. وكتب: "سيتم الإعلان عن أعضاء المجلس، والعديد من الإعلانات المثيرة الأخرى، خلال الأسابيع المقبلة".


الطريق إلى الدولة

وأثار القرار جدلا واسعا في إسرائيل لأنه يشير إلى إمكانية قيام دولة فلسطينية في المستقبل.
ويقول نص القرار إن "الظروف قد تصبح أخيرا مناسبة لمسار موثوق نحو تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية" بمجرد أن تنفذ السلطة الفلسطينية برنامجا إصلاحيا وتتقدم عملية إعادة تنمية غزة.
"إن الولايات المتحدة ستنشئ حوارا بين إسرائيل والفلسطينيين للاتفاق على أفق سياسي للتعايش السلمي والمزدهر"، كما جاء في الخطة.
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأحد، تحت ضغط من أعضاء اليمين في حكومته، إن إسرائيل لا تزال تعارض إقامة دولة فلسطينية وتعهدت بنزع السلاح من غزة "بالطريقة السهلة أو بالطريقة الصعبة".
يبقى قرار مجلس الأمن الأخير نقطة مفصلية في مسار الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، إذ يمنح خطة ترامب غطاءً دوليًا استثنائيًا ويؤسس لما يُعرف بـ"مجلس السلام" وقوة الاستقرار الدولية. هذه الخطوة تمثل محاولة دولية لإعادة تنظيم المشهد في غزة بعد عامين من الحرب المستمرة، لكنها في الوقت ذاته تضع التحديات الأمنية والسياسية أمام اختبار حقيقي على الأرض.
ورغم الترحيب الفلسطيني الرسمي بالقرار، تظل حماس متمسكة بحقها في السلاح ورفض أي وصاية دولية، فيما تبدو إسرائيل مقسمة بين ضغوط داخلية من اليمين ومعارضة لأي خطوات تقود إلى دولة فلسطينية. هذا التوتر يعكس صعوبة التوازن بين تنفيذ خطة إعادة الإعمار واحتواء المخاوف الأمنية، وما إذا كان القرار سيترجم إلى واقع ملموس أم يظل مجرد نص على الورق.
وفي نهاية المطاف، يبقى السؤال الأكبر حول قدرة المجتمع الدولي على فرض نظام مؤقت فعال في غزة، وضمان أن تتحول هذه اللحظة التاريخية إلى خطوة حقيقية نحو السلام والاستقرار. فالنجاح أو الفشل في المرحلة المقبلة لن يحدد فقط مستقبل القطاع، بل سيشكل معايير جديدة للتدخل الدولي وآليات الحل السياسي في الصراعات المعقدة بالمنطقة.

2275bdd36b.jpg
العدد الورقي
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق