أطلقت مؤتمر الكنائس الأوروبية (CEC) ومجلس مؤتمرات أساقفة أوروبا (CCEE) نسخة محدثة من وثيقة الخارطة المسكونية في خطوة وُصفت بأنها علامة فارقة في مسار التعاون بين الكنائس الأوروبية، وتمثّل الوثيقة تجديدًا للتعهد بالسير معًا في الحوار والتفاهم المتبادل والشهادة المشتركة في مواجهة تحديات العصر.
وجرى التوقيع الرسمي على الوثيقة من قبل المطران نيكيتاس مطران ثياتيرا وبريطانيا بصفته رئيس مؤتمر الكنائس الأوروبية، إلى جانب المطران جينتاراس غروشاس رئيس مجلس مؤتمرات أساقفة أوروبا.
وأكد الجانبان خلال التوقيع تجديد الالتزام ببناء الجسور بين الكنائس في مختلف أنحاء القارة.
وقال المطران نيكيتاس تمثل الخارطة تعبيرًا مرئيًا عن الرجاء في العالم المسيحي، إذ تُظهر أننا قادرون على الاتفاق والعمل المشترك، وتقديم رسالة إلى عالم يموج بالفوضى بأن الحقيقة والرجاء ما زالا قائمين.
من جانبها، وصفت الدكتورة نيكولا برادي، الأمين العام لـ"كنائس معًا في بريطانيا وإيرلندا"، الوثيقة بأنها "أداة قيّمة لتعميق العمل من أجل الوحدة"، خصوصًا في عام الاحتفال بمرور 1700 عام على مجمع نيقية.
استجابة لتغيرات المشهد الأوروبي
تعود النسخة الأصلية من الخارطة المسكونية إلى عام 2001، وقد شكّلت عبر السنوات أساسًا للعمل المسكوني في أوروبا. ويأتي تحديثها هذا العام—المتزامن مع الذكرى الـ1700 لمجمع نيقية—ليعكس تحولات اجتماعية وروحية وبيئية تشهدها القارة.
وتتناول الوثيقة قضايا ملحّة مثل: تعزيز السلام والمصالحة، دعم المهاجرين واللاجئين، حماية الخليقة، توطيد العلاقات مع اليهود والمسلمين، تقديم رؤية مسيحية للأبعاد الأخلاقية للتقنيات الحديثة، وتفعيل دور الشباب كشركاء وقادة في العمل المسكوني.
كما تؤكد الوثيقة على أهمية تقديم صوت مسيحي موحّد في الفضاء العام يقوم على الرحمة والعدالة والمسؤولية المشتركة تجاه مستقبل أوروبا.
ثمرة مشاورات واسعة بين الكنائس
تم إعداد النسخة المحدثة عبر عملية تشاور موسّعة شملت كنائس ومؤتمرات أسقفية ومؤسسات مسكونية داخل أوروبا وخارجها. ورغم أنها لا تحمل طابعًا قانونيًا أو عقائديًا ملزمًا، إلا أن قوتها تكمن في الالتزام الروحي والأخلاقي الطوعي للكنائس بتطبيقها في سياقاتها المختلفة.
وتدعو الوثيقة الكنائس إلى دمج مبادئها في الصلاة والتعليم اللاهوتي والحوار بين الكنائس والحياة المجتمعية، باعتبارها وثيقة حيّة تهدف إلى ترسيخ ثقافة التعاون والشهادة المشتركة على كل المستويات.
تأييد بابوي
قدّم رئيسا CEC وCCEE النسخة المحدثة من الخارطة المسكونية إلى البابا لاون الرابع عشر خلال لقاء خاص بالفاتيكان عقب يوم من التوقيع الرسمي.
وأشار البابا إلى التغيرات الكبيرة في واقع الكنائس الأوروبية، قائلاً إن الكثير من الجماعات المسيحية باتت تشعر بأنها "أقلية" وسط مجتمعات تتسم بالتنوع والتعبيرات الثقافية الجديدة، ودعا إلى مزيد من الانفتاح والاستماع قائلاً: "هناك العديد من الأصوات والقصص التي يجب الترحيب بها عبر لقاءات يومية وعلاقات أقرب، خاصة مع الحاجة الملحة إلى الحوار والوئام والأخوّة وسط ضجيج العنف والحرب.












0 تعليق