في الآونة الأخيرة تصاعد النقاش حول “قائمة المنقولات الزوجية” أو ما يُعرف في العرف بـ القايمة، خاصة بعد دعوة الشيخ عبد الله رشدي الداعية بوزارة الأوقاف لإلغاء بعض بنودها و معتبرا أن الزوج غير ملزم شرعًا بكتابة كل ما اشتراه، خصوصًا إذا لم تشترِ الزوجة شيئًا بنفسها، وأن ما يسقط عليه هو المهر فقط، وليس واجبًا أن يسجّل كل قطعة أثاث باسمه.
فى المقابل يعتبر البعض أن القائمة تمنح أمانًا قانونيًا للزوجة، بوصفها إقرار أمانة لحفظ حقها في المنقولات، خاصة في حال الخلاف.
وهناك من ينظر إليها من الناحية الشرعية باعتبارها عرفًا مشروعًا إذا تم تنظيمها بطريقة تراعي الملكية، وآخرون يرون أن الإلغاء أو إعادة الصياغة ضروريان.
كما يرى خبراء القانون أن القائمة تمثل عقد أمانة خاضع لتجريم التبديد، في حين ينبه علماء الاجتماع إلى أن هذه الوثيقة تعبّر أيضًا عن تحولات ثقافية، وتثير تساؤلات حول ما إذا كانت تحولت إلى أداة مادية بحتة بدلًا من كونها ضمانًا عاطفيًا.
رأي العروس المعارِضة
من جانبها قالت العروس الشابة مريم لـ"البوابة نيوز": إنها ترفض فكرة أن يُدرج الزوج كل المقتنيات التي اشتراها في قائمة تدعي أنها “أمانة” باسمها.
واشارت إلى أن هذا الأمر يَحوّل تجهيز البيت إلى عملية حسابية بحتة، وليست علاقة زواج مبنية على التفاهم والمشاركة.
وأعربت مريم عن تخوفها من أن يُستخدم هذا “السجل” كوسيلة ضغط، خاصة عند وقوع خلاف؛ فكل قطعة أثاث قد تتحول إلى سلاح قانوني، وتصبح الملكية موضوع نزاع. محذرة من أن كتابة قائمة ضخمة تفرض عبئًا ماديًا كبيرًا على الأسرة، خاصة في ظل ارتفاع الأسعار.
وأوضحت أن خيار التخلص أو عدم اعتماد القائمة يجب أن يكون متاحًا للزوجين، بدلاً من أن يكون فرضًا يثقل الحياة الزوجية قبل بدايتها.
إلغاء القايمة ليس فقدانًا لحق
وتشارك نادية نفس وجهة النظر التى يطرحها رشدي، لكنها تنطلق من رغبتها في علاقة أكثر مرونة، وتقول نادية لـ"البوابة نيوز" : أفضل ألا تكتب للقائمة على الإطلاق لأنها لم تشتِرى هى الكثير من الأثاث بنفسها، وتفضل أن يكون الاتفاق واضحا منذ البداية على ملكية كل طرف دون تسجيل.
واعتبرت أن، إلغاء القايمة ليس فقدانًا لحق، بل يوفر مرونة في تغيير الأثاث أو بيعه، دون نزاعات حول “من يملك ماذا”، كما أن حذف القائمة يمنع من أن يتحول الزواج إلى عقد مادي، وتؤكد أن ما تهمها الملكية الحقيقية لما تملكه هي، وليس مجرد ورقة تسجّل كل شيء باسمها أو باسم الزوج.
مسموح بها شرعًا
فى ذات السياق يقول أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر الدكتور عبد الله نصر لـ"البوابة نيوز" : أن القايمة مسموح بها شرعيًا إذا نُظّمت بعقلانية، ولا ينبغي أن تُستخدم كأداة استغلال.
وأكد نصر أن العرف يُعدّ من مصادر التشريع إذا لم يتعارض مع مقاصد الدين، وأن من الممكن أن يسجّل الزوج ما يملك فقط، وكذلك الزوجة ما اشترته هي. موضحا أن الهدف من القايمة هو ضمان الحقوق وليس فرض عبء غير عادل، لذلك من الأفضل أن تكون واضحة ومتفقًا عليها في العقد، بحيث تستخدم كضمان شرعي ومهر، وليس كورقة تستخدم للابتزاز أو التباهي.
عقد أمانة
وقالت أستاذ قانون الأحوال الشخصية دكتورة ليلى الديب لـ"البوابة نيوز" : أن القايمة تُعد عقد أمانة قانونًا، وأن تبديد ما ورد فيها من منقولات يعرض الزوج لعقوبة جنائية.
وأوضحت أن المادة 341 من قانون العقوبات تُجرّم التبديد أو الاختلاس إذا سُلِّمت المنقولات على سبيل الأمانة، وأنه يجب توثيق القائِمة بدقة مع وصف كل عنصر بوضوح .
وأكدت ليلى الديب أن الحل ليس في إلغاء القايمة بالكامل، بل في تنظيمها قانونيًا بطريقة تمنع التلاعب وتضمن حماية الطرفين، خاصة في حالات الانفصال أو الخلاف، لأنها تمثل ضمانًة قانونيًة مهمًة للزوجة.
القائمة تعكس تغيّرات اجتماعية
وقالت أستاذة علم الاجتماع دكتورة هالة السيد لـ"البوابة نيوز أن القايمة ليست مجرد وثيقة قانونية بل تعبير ثقافي عن التوقعات المادية في المجتمع المعاصر،
وشدّدت على أن هذه القائمة تعكس تغيّرات اجتماعية مثل ارتفاع مستوى الاستهلاك والتفاوت الاقتصادي، محذّرة من أن تتحول القايمة إلى أداة مادية بحتة تشوّه فكرة الزواج وتصبح عملية تجارية أكثر منها علاقة إنسانية.
واقترحت هالة السيد أن يُعاد التفكير في هذه الممارسة، ليس بإلغائها كليًا، بل بتعديلها لتصبح أقل استعراضًا وأكثر عدالة، مع توعية الشباب بأهمية تسجيل ما يملك كل طرف دون مبالغة، حتى تبقى وسيلة لضمان الحقوق دون أن تتحول إلى عبء ثقافي أو اجتماعي.









0 تعليق