دعا المشاركون في المؤتمر العالمي السادس للإيمان والنظام التابع لمجلس الكنائس العالمي، والمنعقد في مصر، إلى العمل المشترك من أجل وحدة مرئية بين الكنائس قادرة على إحداث تحول حقيقي في العالم وتعزيز رسالة السلام والرجاء في مواجهة الانقسامات والصراعات.
جاء ذلك خلال الجلسة الختامية للمؤتمر، الذي استمر خمسة أيام (24–28 أكتوبر)، بمشاركة نحو 400 من القادة الدينيين واللاهوتيين من مختلف الكنائس، وذلك في مركز لوغوس البابوي بوادي النطرون، التابع للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، تحت شعار “إلى أين الآن من أجل الوحدة المنظورة؟”.
الوحدة المرئية في مواجهة الانقسام المسيحي
أكد المطران الدكتور جوب (غيتشا)، مطران بيسيديا ونائب رئيس لجنة الإيمان والنظام بمجلس الكنائس العالمي، أن قضية الوحدة المرئية بين المسيحيين كانت الأساس الذي انطلق منه العمل المسكوني في بداياته، باعتبارها جزءًا جوهريًا من رسالة الكنيسة للعالم.
وقال في كلمته: "انقسام المسيحيين يُعد عائقًا أمام رسالة الكنيسة، فكيف يمكننا أن نشهد للمسيح بصدق وفاعلية بينما نظهر منقسمين؟"
وأشار المطران إلى أن العقود الأخيرة شهدت تقدمًا كبيرًا في تحقيق اتفاقات مسكونية بين الكنائس المختلفة، أسهمت في تقليص الفجوات العقائدية، ومن أبرزها إعلان التبرير المشترك بين الكنيسة الكاثوليكية والاتحاد اللوثري العالمي، الذي عالج أحد أهم القضايا الخلافية منذ عصر الإصلاح في القرن السادس عشر.
اتفاقات مسكونية تمهد لطريق الوحدة
أوضح المطران جوب أن النهج الجديد في إعلان التبرير المشترك يتمثل في الاعتراف بأن الإيمان الواحد يمكن أن يُعبّر عنه بلغات وصيغ لاهوتية متعددة، وهو ما أطلق عليه مفهوم "الإجماع المتنوع".
من جانبها، أشارت البروفيسورة الدكتورة سوزان وود، وهي لاهوتية كاثوليكية من كلية اللاهوت في تورونتو، إلى ما تم التوصل إليه من تفاهم مشترك حول معنى المعمودية ورابط الوحدة الذي تُنشئه، استنادًا إلى وثيقة مجلس الكنائس العالمي حول “المعمودية، الإفخارستيا، والخدمة” الصادرة عام 1982.
وقالت: "في المعمودية نُضم إلى المسيح وإلى بعضنا البعض، فنصبح جماعة واحدة لا يمكن لأي انقسام أن يمحوها. غير أن هذه الوحدة ما زالت مجروحة بفعل انقساماتنا، والكنيسة ما زالت تكافح لتُظهر كمال كاثوليكيتها."
وأكدت وود أن المعمودية تمثل نقطة انطلاق ووعدًا بالوحدة، وأن مهمة الكنائس هي جعل هذه الوحدة مرئية من خلال الحوار والمغفرة وروح السينودسية (المسيرة المشتركة) التي تدعو المؤمنين للسير معًا في الإصغاء للروح القدس وللآخرين.
أصوات من الجنوب العالمي تطالب بالمشاركة والعدالة
وخلال الجلسة نفسها، تحدثت القس البروفسورة جاكلين غراي من كنائس أستراليا المسيحية (أحد الحركات الخمسينية الأسرع نموًا في القرن الحادي والعشرين)، مشيرة إلى أن الحركة الخمسينية الحديثة متنوعة وشابة وتنمو بشكل خاص في بلدان الجنوب العالمي.
لكنها نبهت إلى أن الانقسامات داخل الكنائس لا تزال مرتبطة بأسئلة عن السلطة والاعتراف المتبادل والمعايير التي تحكمه، متسائلة:"من الذي يقرر أي معمودية تُقبل؟ وعلى أي أساس؟"
وأضافت أن الكنائس الناشئة في الجنوب العالمي نادرًا ما يكون لها صوت في هذه القرارات، التي غالبًا ما تُتخذ مسبقًا في المراكز الكنسية التقليدية.
الوحدة كفعل تضامن وتحول
ورغم التحديات، أكدت غراي أن البحث عن القيم المشتركة في ظل التنوع هو الطريق نحو بناء وحدة مرئية فاعلة، داعية إلى العمل المشترك بين الكنائس على المستويين المحلي والعالمي من أجل تحويل العالم إلى مكان أكثر عدلًا وإنسانية.
وقالت في ختام كلمتها: "فلننضم معًا في أعمال الوحدة المرئية، على المستويات كافة، من أجل العمل على تحويل عالمنا نحو الرجاء والسلام."











0 تعليق