قبل أيام قليلة من الحدث العالمي المنتظر، تعيش محافظة الجيزة حالة من العمل المتواصل استعدادًا للافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير، أكبر صرح أثري وثقافي في العالم، والذي يمثل إنجازًا وطنيًا يعكس عظمة التاريخ المصري وقدرة الدولة على صون تراثها الإنساني وتقديمه للعالم في أبهى صورة.
فعلى مدار الأسابيع الأخيرة، كثّفت الأجهزة التنفيذية بالمحافظة جهودها في جميع القطاعات لإتمام أعمال التطوير والتجميل ورفع الكفاءة بالطرق والمحاور والمناطق المحيطة بالمتحف، لتتحول منطقة الهرم والرماية إلى لوحة فنية تجمع بين عبق الماضي وملامح مصر الحديثة.
تطوير شامل للطرق والمحاور
شملت خطة التطوير عددًا من المحاور الحيوية، من بينها محور الرماية، طريق الفيوم، المنصورية، الطريق السياحي، والطريق الدائري الجنوبي، إلى جانب شارع النيل، ومراد، والبحر الأعظم.
وقد تم الانتهاء من رصف وإعادة تخطيط الطرق ودهان الأرصفة وصيانة أعمدة الإنارة وتركيب وحدات إضاءة جديدة موفرة للطاقة، بما يعكس توجه الدولة نحو ترسيخ مفاهيم الاستدامة في كل تفاصيل المشهد الحضاري.
كما تم الانتهاء من أعمال التنسيق البصري والتجميل على امتداد الطرق المؤدية إلى المتحف، مع إزالة أي مظاهر عشوائية أو إعلانات غير مرخصة، حفاظًا على المظهر العام الذي يليق باستقبال وفود رسمية وشخصيات عالمية ستشهد الافتتاح المرتقب.
٩٢ ألف متر تشجير و٤ آلاف شجرة ونخلة جديدة
وفي إطار الاهتمام بالبعد البيئي والجمالي، نفذت المحافظة خطة طموحة لتوسيع المساحات الخضراء في محيط المتحف ومداخل الجيزة.
وأوضح المهندس عادل النجار محافظ الجيزة، أنه تم زراعة نحو ٤ آلاف شجرة بينها ٢٢٠٠ نخلة، وبلغت المسطحات الخضراء أكثر من ٩٢ ألف متر مربع في إطار مراعاة البعد البيئي وتحقيق الاستدامة.
كما تم الانتهاء من حفر ستة آبار جديدة بالتعاون مع وزارة الموارد المائية والري لتوفير مصادر ريّ مستدامة دون تحميل شبكة المياه العامة أعباء إضافية، في خطوة وصفها المحافظ بأنها "إجراء بيئي حضاري يضمن استدامة المشروعات الخضراء في المنطقة".
مجسمات فنية تحكي التاريخ المصري القديم
وفي لمسة فنية غير مسبوقة، تم تنفيذ وتثبيت أكثر من ٧٥٠ مجسمًا فنيًا تحاكي رموز الحضارة المصرية القديمة، منها تماثيل لملوك وملكات مصر القديمة، ومجسمات لأدوات ومشاهد من الحياة اليومية في العصور الفرعونية.
وقد تم توزيع هذه المجسمات على طول الطرق الرئيسية المؤدية إلى المتحف وفي مداخل المحافظة، لتشكّل مشهدًا بصريًا متكاملًا يعكس عظمة التاريخ المصري وثراءه الثقافي.
وأكدت المحافظة أن تنفيذ تلك المجسمات جاء بمشاركة فنانين ونحاتين مصريين شباب، في مبادرة تهدف إلى دمج الإبداع الفني في المشروعات التنموية وإبراز الهوية الثقافية المصرية في محيط المتحف.
إضاءة ذكية وشاشات بالفنادق والمراكز التجارية
وفي إطار الاستعداد للافتتاح، جرى تركيب منظومة إضاءة ذكية متعددة الألوان تزين الميادين والمحاور الكبرى، لتضيء المنطقة ليلًا في مشهد مبهج يعكس بهجة المصريين بالحدث العالمي.
وأشار محافظ الجيزة المهندس عادل النجار، إلى أن هناك مشاركة مجتمعية واسعة من المنشآت السياحية والفندقية في هذا الحدث التاريخي، من خلال بث المواد الترويجية والتعريفية الخاصة بالمتحف المصري الكبير على الشاشات العامة داخل الشوارع والميادين، وكذلك على الشاشات الداخلية والخارجية للفنادق والمطاعم والمولات التجارية، بهدف تثقيف المواطنين والزائرين وتعريفهم بعظمة المتحف ومقتنياته الفريدة، وذلك بالتنسيق الكامل مع المحافظة.
وأوضح المحافظ أن هذه الخطوة تأتي في إطار حرص محافظة الجيزة على تعزيز الوعي المجتمعي بالإنجازات القومية الكبرى ودعم الجهود المبذولة لإخراج الافتتاح بالصورة التي تليق بمكانة مصر أمام العالم، مؤكدًا أن المشاركة الإيجابية من القطاع الخاص تمثل نموذجًا حقيقيًا للتكامل بين الدولة والمجتمع في تحقيق التنمية والترويج السياحي.
أجواء احتفالية في ميادين المحافظة
وتتزين الميادين الكبرى في الجيزة استعدادًا لليوم المنتظر، حيث تم تخصيص شاشات عرض عملاقة في ميداني مصطفى محمود والجلاء بالدقي والعجوزة، وميدان الكيت كات، وميدان النافورة بالطالبية، ومناطق البدرشين وأوسيم والحوامدية والوراق، لبث وقائع حفل الافتتاح مباشرة أمام المواطنين.
كما تشهد تلك المناطق تزيينًا بالأعلام واللافتات والزهور، في مشهد يعبّر عن فرحة وفخر شعبي واسع بالمتحف الذي يُعد إنجازًا وطنيًا سيُسجل في ذاكرة الأجيال.
وأكد المحافظ أن الجيزة تشهد حالة من الفرح والفخر الشعبي مع اقتراب الافتتاح الرسمي للمتحف، ذلك الصرح العالمي الذي يعكس مكانة مصر الحضارية والتاريخية بين دول العالم.
مشروع وطني يجسد فخر المصريين
وأكد المهندس عادل النجار، أن جميع الأجهزة التنفيذية تواصل العمل على مدار الساعة للانتهاء من الاستعدادات النهائية، مشيرًا إلى أن "الهدف هو أن يرى العالم مصر في أبهى صورها، كما أرادها رئيس الجمهورية، دولةً عريقةً حديثةً تجمع بين الأصالة والتطور".
وأضاف أن "المتحف المصري الكبير ليس مجرد مشروع أثري أو سياحي، بل هو مشروع وطني يمثل فخر كل مصري، ورسالة حضارية من الجيزة إلى العالم".
وأوضح أن ما يجري الآن من أعمال تطوير وتجميل لن يتوقف بانتهاء الافتتاح، بل ستستمر خطط الصيانة والمتابعة اليومية للحفاظ على هذا المظهر الحضاري الدائم في أحياء الجيزة.
الجيزة.. من التاريخ إلى المستقبل
بهذه الاستعدادات المكثفة، تتحول الجيزة إلى نقطة التقاء بين الماضي والمستقبل، حيث تلتقى الأهرامات العتيقة مع المتحف المصري الكبير في مشهد يجسد آلاف السنين من الحضارة الممتدة على أرض واحدة.
ومع اقتراب لحظة الافتتاح، يعيش المواطنون حالة من الفخر والاعتزاز بما تحقق، مؤكدين أن الجيزة — مهد التاريخ المصري — باتت اليوم واجهةً حضارية تليق باسم مصر ومكانتها أمام العالم.











0 تعليق