في قلب مدينة أسوان، حيث تتعانق ضفة النيل مع الجبال الذهبية، ولدت حكاية مختلفة في شهر أكتوبر الوردي، لم تكن مجرد فعالية توعوية، بل قصة شجاعة تُروى بالألوان، بطلها فنانة أسوانية اسمها مها جميل، قررت أن تجعل من الفن رسالة حياة لكل امرأة تواجه مرض سرطان الثدي، وكانت مها تشاهد من بعيد قصص المحاربات في مركز أورام أسوان، ترى في وجوههن مزيجًا من الخوف والإصرار، فقررت أن تفعل ما تُجيده أكثر من أي شيء آخر “الرسم”.
أهمية الجدارية في التوعية بسرطان الثدي:
لكن هذه المرة لم ترسم لوحة تُعلّق على جدار، بل جدارية تحمل نبض مدينة بأكملها.. الجدارية التي حملت اسم “الأمل” جاءت ضمن مبادرة وطنية أطلقتها الهيئة العامة للرعاية الصحية بالتعاون مع محافظة أسوان، تحت عنوان “حكاية وردي”، لدعم صحة المرأة والتوعية بالكشف المبكر عن سرطان الثدي.
اهتمام المحافظة والمسؤولين بالافتتاح
يوم الافتتاح لم يكن عاديًا؛ حضر الدكتور أحمد السبكي، رئيس هيئة الرعاية الصحية، واللواء إسماعيل كمال، محافظ أسوان، ليشهدا إطلاق الجدارية، وافتتاح عدد من الأقسام المطوّرة بمعهد أورام أسوان، من وحدات الماموجرام والعلاج الكيماوي إلى معامل الباثولوجيا المجهزة بأحدث الأجهزة العالمية. كانت الخطوة رسالة واضحة مفادها أن المرأة تستحق رعاية تليق بقوتها.
وبينما كان الجميع يصفق لانطلاق المبادرة، كانت مها تقف أمام جدارها الوردي العملاق، تتأمل كل ضربة فرشاة رسمتها مع زوجها الفنان علي عبد الفتاح، وهي تبتسم في صمتٍ يشبه انتصارًا صغيرًا. قالت يومها: “ما فعلناه ليس جدارية فنية فقط، بل مرآة تعكس قصة كل امرأة قاومت المرض بابتسامة، وكل يدٍ مدت العون لتمنح غيرها الأمل”.
تحولت الجدارية إلى رمز بصري للأمل والانتصار على الألم، وملاذ نفسي لكل من تمر بالمركز لتتلقى علاجها. كانت النساء يلتقطن الصور أمامها، ويقرأن بين ألوانها وعودًا بالحياة، وفي ذلك اليوم أيضًا، زار مسؤولو الهيئة وحدة طب أسرة الجزيرة، يتفقدون العيادات ويتحدثون مع المواطنين عن جودة الخدمات. بدا المشهد كلوحة متكاملة، تتداخل فيها الرعاية الصحية مع الفن والإنسانية، لتؤكد أن الشفاء لا يأتي فقط من الدواء، بل من شعور المرأة بأنها ليست وحدها.
واليوم، تقف مها جميل كواحدة من “سيدات من ذهب”، لمواجهة المرض بالأمل، والخوف بالفن، والظلام بلون وردي يضيء قلوب آلاف النساء.
لقد صنعت جدارًا يروي قصة وطنٍ يؤمن أن الفن يمكن أن يكون شفاءً، وأن المرأة، متى قررت، قادرة على أن تحوّل الألم إلى حياة.








0 تعليق