المتحف المصري الكبير.. عندما يهدي التاريخ مكاسب بالجملة للمصريين!

البوابة نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

  مع اقتراب موعد الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير، تستعد مصر لإطلاق حدث عالمي طال انتظاره حيث يمثل تتويجًا لرحلة طويلة بدأت منذ عام 2005 بتهيئة موقع المشروع، ثم انطلاقة أعمال البناء في عام 2016، وصولًا إلى التشغيل التجريبي في أكتوبر 2024، استعدادًا لليوم التاريخي المنتظر في الأول من نوفمبر المقبل. وقد يتساءل البعض عن أهمية هذا المتحف في بلد مليئة بالآثار، فيما قد يرى البعض أن البلد يحتاج تنمية من نوع آخر. لكن الحقيقة أن افتتاح المتحف الجديد هو عمل تنموي بامتياز، حيث إن التنمية ليست فقط المصانع والمعدات والصادرات بل هي خدمات أيضا؛ يخلق المتحف سوقًا سياحية ثقافية تزيد الطلب على فرص العمل، وهناك حاجة لآلاف الفرص حاليًا ليس فقط في قطاع الآثار والترميم والمخازن بل أيضاً في قطاع الفنادق حيث هناك طلب الآن على ما لا يقل عن 100 ألف غرفة فندقية جديدة في محيط القاهرة والجيزة، من الفنادق ذات الـ3 نجوم و4 نجوم، والتي ستجذب سوقًا آخر من السائحين، إضافة إلى فرص العمل في شبكة النقل السياحي، ناهيك عن الاستثمار في تطوير الخدمات المحيطة من مطاعم ومحلات تذكارات ومراكز خدمية، بما يدعم خلق فرص عمل جديدة. وهناك تدريب ما يقارب 50 ألف عامل جديد في مختلف التخصصات، جميعها في مشروعات القطاع الخاص التي تخدم محيط المتحف. والرقم الأخير تصريح من رئيس النقابة العامة للعاملين بالسياحة والفنادق محسن آش الله. 

هذا عن العائد المادي للمتحف دون ذكر العائدات المباشرة من الرحلات السياحية والتذاكر وهي بالعملة الصعبة التي يحتاجها الاقتصاد المصري بشدة. أما العائد الثقافي فهو مستدام لأنه يحافظ على التراث الإنساني، والأهم أنه يقدمه للأجيال الناشئة في مصر والعالم بصورة تليق بمكانة مصر التاريخية كأحد المنارات الثقافية في العالم. أما عن الحدث نفسه فهو ترويج للسياحة والاستثمار في مصر لأنه سيكون محط أنظار العالم كله إضافة لكونه فرصة للحديث عن مصر بكل مميزاتها ومعالمها في حضور عدد من رؤساء وملوك الدول وكبار الشخصيات الدولية والوفود المرافقة لهم. ولو أرادت مصر تنظيم حملات ترويجية خارجية لجلب السياحة والاستثمار إليها لتكلفت أضعاف المبلغ الذي سيتكلفه هذا الحدث.

المتحف بالأرقام

تبلغ التكلفة الإجمالية لإنشاء المتحف المصري الكبير حوالي 1.2 مليار دولار، بينما بلغت تكلفة بناء المتحف المصري القديم وقت بنائه في عام 1902 حوالي 240 ألف جنيه مصري، وكان الجنيه المصري يساوي جنيهًا أسترلينيًا حيث ربط الانتداب البريطاني بين العملتين. وجاء تمويل المتحف الكبير من مصادر متعددة، منها قروض ميسرة من اليابان بقيمة 760 مليون دولار وتمويل من الحكومة المصرية بقيمة 100 مليون دولار، إلى جانب تبرعات ومساهمات محلية ودولية بقيمة 150 مليون دولار. ويعد المتحف المصري الكبير أكبر متحف في العالم مخصص لحضارة واحدة، وهي حضارة مصر القديمة، ويمتد على مساحة 490 ألف متر مربع، ويضم مدخلًا رئيسًا بمساحة نحو 7 آلاف متر مربع، به تمثال للملك رمسيس الثاني، كما يضم 100 ألف قطعة أثرية تروي تاريخ مصر عبر العصور.

وتبقى ملاحظة، وهي أن هذه العظمة التي تملأ كل مصري وكل إنسان بالسعادة والفخر لصون حضارة تاريخية قديمة وإتاحتها بشكل رائع للفرجة والتمعن في قيمتها ودروسها، تحتاج أيضا إلى المحافظة عليها. وهذا بدوره يتطلب حملات توعوية في المدارس والجامعات والأحزاب والجمعيات ووسائل الإعلام حتى يشعر كل مواطن أنها ملكه ولابد أن يحافظ عليها ويصونها. 

تأمين المتاحف بالذكاء الاصطناعي

عند الحديث عن قرب افتتاح المتحف المصري الكبير، من اللافت الانتباه لطرق التأمين الحديثة. وقد أعلنت وزارة الثقافة الإيطالية مشروعاً لتطوير أنظمة أمنية لحماية المتاحف باستخدام الذكاء الاصطناعي. المشروع في مرحلة التجارب ويتكلف نحو 70 مليون يورو وقائم على إن الأنظمة قيد التطوير ستتيح تحليلاً ذكياً للفيديوهات داخل المتاحف، من خلال رصد السلوكيات غير الطبيعية والتحركات المريبة في الوقت الفعلي. ومن المفترض أن تتمكن الخوارزميات من إصدار إنذارات مسبقة ومبكرة تساعد على التدخل السريع، لمنع أي محاولة سرقة قبل وقوعها. وتجمع التوقعات على أن الذكاء الاصطناعي سيحدثُ تحولاً في المتاحف بل ستكون ثورةً في كيفية عمل المتاحف وتنظيمها ووضع القطع الأثرية أو حفظها وتأمينها وتأمين الجولات وإشراك الزوار في متعة المشاهدة.

ولدينا الكثير من الشباب المصري البارعين في مجال الذكاء الاصطناعي ولديهم شركات "سترت أب" ويستطيعون أن يدلوا بدلوهم لتأمين المتحف الجديد من خلال استخدام هذه التكنولوجيات الحديثة التي لم تعد مكلفة مثل التكنولوجيات التأمينية التقليدية.

متحف اللوفر

ويبدو أنه موسم المتاحف في أماكن عديدة لكنْ كلٌ على طريقته، حيث شهد متحف اللوفر بالعاصمة الفرنسية باريس حدثًا كبيرًا لكن ليس ثقافيا وإنما جنائيًا بتعرضه لما وصفته وسائل الإعلام بـ"سرقة القرن". والحقيقة أن ما كتبته الصحافة الفرنسية عن هذه السرقة وما شاهدناه من صور ريبورتاجات يجعلها أشبه بفيلم هوليوودي. سُرقت ثماني قطع نادرة من مجوهرات نادرة للتاج الفرنسي. لكن الضجة العالمية ليست فقط حول قيمة المجموعة المسروقة من اللوفر التي وصفت بأنها "لا تقدر بثمن" وإنما أيضًا لأن السرقة ارتكبت في وضح النهار-الساعة التاسعة والنصف صباحا- في عملية لم تستغرق أكثر من دقائق قليلة. توقفت شاحنة مجهزة برافعة على رصيف نهر السين صعد اللصوص عبرها إلى نافذة الطابق الأول للمتحف. استخدم اللصوص منشاراً كهربائياً لدخول القاعة التي تحوي مجوهرات التاج الفرنسي، وهشموا واجهتين زجاجيتين محميتين بأنظمة أمان عالية، وقاموا بتنفيذ عملية السرقة خلال 7 دقائق فقط. 

أما أطرف لقطة فتتعلق بالرافعة التي تم استخدامها وهي مسروقة من شخص استوردها من ألمانيا. فما كان من الشركة المصنعة إلا أن استخدمت الفكاهة للتسويق لرافعاتها، ونشرت صورة الرافعة خلال عملية السطو مرفقة بعبارة "عندما يكون عليك أن تنجز بسرعة"!.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق