في لحظة فارقة من التاريخ، تعود مصر تتألق من جديد على خريطة العالم، حيث تستعد القاهرة لحدث عالمي ضخم يتمثل في حفل افتتاح المتحف المصري الكبير، الذي يعد من أكبر المتاحف الأثرية في العالم، في وقت لا تزال فيه أصداء مؤتمر السلام بشرم الشيخ تتردد على الساحة الدولية بعد نجاحه في جمع قادة دبلوماسيين من مختلف الدول لمناقشة قضايا الأمن والسلام والتعاون الدولي.
تضم مصر أكثر من 70 متحفا تغطي مختلف العصور الفرعونية واليونانية والرومانية والإسلامية والقبطية والحديثة، ما يجعلها دولة متفردة في قدرتها على الربط بين الماضي والمستقبل.
كما استضافت مصر خلال العقد الأخير أكثر من 40 مؤتمرا دوليا حول التنمية والسلام و الاتفاقيات الدولية، مما يعكس مكانتها كدولة منصة للحوار العالمي.
ويتزامن اقتراب افتتاح المتحف الكبير مع تصاعد دور مصر الدبلوماسي في المنطقة والعالم، إذ تربطها اليوم علاقات متوازنة مع معظم دول العالم، قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة. في هذا السياق، يأتي المتحف الكبير ليكون ليس مجرد صرح أثري، بل رمزا لقوة الهوية المصرية وتاريخها الذي يلهم العالم، تمامًا كما يفعل مؤتمر السلام بشرم الشيخ في الحاضر.
المتحف الكبير مشروع حضاري ورسالة سلام
من جانبه قال ، أستاذ الآثار المصرية القديمة بكلية الآثار جامعة القاهرة الدكتور أحمد عبد المنعم لـ"البوابة نيوز" : أن افتتاح المتحف المصري الكبير ليس مجرد حدث أثري، بل يمثل مشروعا حضاريا إنسانيا بامتياز، يعيد تقديم مصر للعالم كدولة تجمع بين التاريخ والسلام والتعاون الدولي.
وأضاف : "المتحف الكبير يعكس فلسفة جديدة في التفكير المصري الحديث؛ فلسفة قائمة على تحويل الإرث التاريخي إلى قوة ناعمة تدعم السلام العالمي وتشجع على الحوار بين الحضارات .
وأكد : أن تصميم المتحف وموقعه بجوار الأهرامات يجعله مركز إشعاع ثقافي فريد، يجذب ملايين الزوار سنويا، ما يسهم في تنشيط السياحة الثقافية والاقتصاد المصري.
كما قال : أن افتتاحه في توقيت قريب من انعقاد مؤتمر السلام بشرم الشيخ يوجه رسالة واضحة إلى العالم بأن مصر، مهد الحضارات، لا تزال قادرة على قيادة المبادرات التي تجمع الشرق والغرب.
ويختتم كلامه قائلاً: مصر تبهر العالم مرة أخرى؛ فبين قاعات مؤتمر السلام وصالات المتحف الكبير، تتجسد رؤيتها الجديدة نحو المستقبل، التي تقوم على مد جسور التعاون بين الشعوب، تمامًا كما فعل أجدادنا ببناء الأهرامات قبل آلاف السنين.
المتحف الكبير بوابة التفاهم الثقافي بين الشعوب
وفى سياق متصل قال أستاذ الآثار بكلية الآثار جامعة عين شمس الدكتور سامح خطاب لـ"البوابة نيوز" : إن المتحف المصري الكبير ليس مجرد مخزن للآثار، بل هو وثيقة حية للتاريخ الإنساني ورسالة تدعو إلى التسامح والسلام.
و أردف : أن اختيار هذا التوقيت لافتتاحه بعد مؤتمر عالمي للسلام في شرم الشيخ يعكس رؤية الدولة المصرية في الجمع بين القوة الحضارية والدبلوماسية.
و تابع: المتحف الكبير سيضم أكثر من 100 ألف قطعة أثرية، من بينها كنوز توت عنخ آمون الكاملة لأول مرة مجتمعة فى مكان واحد ، لتعرض بأسلوب تفاعلي حديث يجعل الزائر يعيش تجربة ثقافية فريدة.
واستطرد د. خطاب : أن المتحف سيصبح مركزا عالميا للحوار الثقافي، حيث ستقام فيه معارض مشتركة وورش بحثية بين علماء من مصر ودول العالم، مما يعزز التعاون الدولي في مجال حماية التراث الإنساني .
و أشار إلى : أن هذا الحدث يأتي ضمن استراتيجية مصر الجديدة للانفتاح على العالم وتعزيز السلام المستدام من خلال الثقافة والمعرفة .
وتوقع أن : العالم حين يرى المتحف الكبير سيدرك أن مصر ليست فقط حاضنة للتاريخ، بل صانعة للمستقبل أيضًا.
مصر تبهر العالم مجددا
وفى ذات السياق قالت أستاذة الآثار بكلية الآثار جامعة الإسكندرية الدكتورة نجلاء رشاد لـ"البوابة نيوز" : إن ما تقوم به مصر اليوم هو إعادة صياغة صورتها العالمية في ضوء مشروعين متكاملين هما مؤتمر السلام بشرم الشيخ وافتتاح المتحف المصري الكبير .
فالأول يعبر عن دبلوماسية مصر العصرية، والثاني يجسد هويتها الثقافية الممتدة عبر سبعة آلاف عام.
و أوضحت أن : المتحف الكبير ليس مجرد بناء ضخم، بل هو رسالة إنسانية تحمل في طياتها فكرة أن السلام يبدأ من المعرفة والثقافة ، وأن الحضارة المصرية القديمة كانت في جوهرها حضارة سلام وتنمية.
و أضافت أن : هذا المشروع يمثل نموذجا للتعاون الدولي، إذ شاركت في إنشائه مؤسسات وخبراء من أكثر من 15 دولة، مما يجسد روح الشراكة العالمية المحبة لمصر وحضارتها العظيمة المتفردة التي يؤمن بها العالم مما غير صورة مصر أمام الدول اليوم.
وتختتم بقولها: حين يجتمع العالم في شرم الشيخ للحوار، ثم يقف على أعتاب الأهرامات مبهرا لمشاهدة المتحف الكبير، فإننا نرى كيف توظف مصر تاريخها لخدمة حاضرها ومستقبلها، مؤكدة للعالم أن السلام والتنمية هما وجهان لعملة واحدة.
مصر الجديدة.. بين إرث التاريخ ورسالة المستقبل
في ختام هذا المشهد العالمي، تتجلى مصر الجديدة تمثل جسر بين الحضارات، تجمع بين عبق التاريخ وقوة الحاضر. نجاح مؤتمر السلام بشرم الشيخ وما تبعه من تحضيرات لافتتاح المتحف المصري الكبير ليس صدفة، بل نتيجة لرؤية استراتيجية وضعتها الدولة لتعزيز مكانة مصر كمركز عالمي للثقافة والتعاون والسلام.
هذه الأحداث المتتابعة تؤكد أن مصر تمضي بثقة نحو استعادة دورها الريادي في المنطقة والعالم، من خلال دمج الدبلوماسية الثقافية والقوة الحضارية في نهج واحد.
المتحف الكبير سيصبح سفيرا للسلام بين الشعوب، ومؤتمر شرم الشيخ منصة لتجديد الحوار الإنساني، وكلاهما يعكسان وجه مصر المبهرة التي تجمع بين التاريخ العريق والرؤية المستقبلية.
وهكذا، تظل مصر تبهر العالم، ليس فقط بوجود الأهرامات و المعابد ، بل بقدرتها على أن تكون دائمًا قلب العالم النابض بالحضارة والسلام.










0 تعليق