استضاف مسرح الجزيرة ضمن فعاليات الدورة الثامنة لمهرجان الجونة السينمائي، جلسة بعنوان "السينما كأداة لتفعيل الإنسانية"، برعاية مجلس الشؤون الإنسانية الدولية بدولة الإمارات العربية المتحدة، وبمشاركة نخبة من الشخصيات العربية البارزة، من بينهم الفنان حسين فهمي، رئيس مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، والنجمة يسرا، والدكتور حمدان مسلم المزروعي، رئيس مجلس إدارة هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، والسفير حمد عبيد الزعابي، سفير دولة الإمارات لدى مصر. أدارت الجلسة سارة بيسادا، نائبة المدير التنفيذي لمهرجان الجونة السينمائي.
سينما من أجل الإنسانية
جاءت الجلسة كخطوة في مسعى المهرجان لترسيخ مفهوم "سينما من أجل الإنسانية"، وتأكيد دور السينما كأداة قادرة على إحداث تأثير حقيقي في الوعي والمجتمع، عبر الجمع بين الفن والعمل الإنساني في مساحة حوارية مؤثرة تتناول القيم، الذاكرة، والتعاطف الإنساني.
افتُتحت الجلسة بعرض فيلم قصير جسّد روح الصمود والأمل، ممهّدًا لحوار جمع نخبة من رواد الثقافة والعمل الخيري، لمناقشة الدور العميق للسينما وكيف يمكن أن تتجاوز حدود الفن لتصبح وسيلة للتغيير ودعم القيم الإنسانية.
النهج الإنساني لدولة الإمارات
خلال الجلسة، استعاد الدكتور حمدان مسلم المزروعي قصتين مؤثرتين تعكسان روح الإمارات في الاستجابة والتسامح، قصة الطفلة السورية شام التي تم إنقاذها ونقلها إلى الإمارات للعلاج بتوجيهات القيادة، وقصة كنيسة المهد في بيت لحم عام 2002، حين أمر المغفور له الشيخ زايد، بصيانة الكنيسة بعد تعرضها للقصف، إيمانًا منه بقيم التسامح والانفتاح التي تميز النهج الإنساني لدولة الإمارات، وأضاف: "كنت حينها متطوعًا في الهلال الأحمر، وتحمست كثيرًا عندما سُمح لي بزيارة فلسطين للمشاركة في عملية الترميم. وعندما دخلت الكنيسة، تذكرت أن هذا هو المكان الذي وضعت فيه السيدة مريم العذراء سيدنا عيسى عليه السلام. وقد أخبرنا القائمون على الكنيسة أنهم تلقوا عروضًا عديدة للترميم، لكنهم اختاروا أن يرتبط اسمها بالشيخ زايد، تخليدًا لرمز عربي إنساني يعيد إحياء عهد التسامح الذي أرساه الخليفة عمر بن الخطاب".
معاناة الفلسطينيين
من جانبه، تحدث الفنان حسين فهمي عن الدور المحوري للسينما في التعبير عن القيم الإنسانية، قائلاً: "كل أفلام السينما تتحدث عن الإنسان ومشاعره في ظروف مختلفة، ومن المهم أن تعكس السينما تلك المشاعر بصدق لأنها تعبّر عن الإنسان البسيط الذي يحتاج إلى الرعاية والاهتمام." كما استعاد تجربته كسفير لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي لعشر سنوات، مؤكدًا أنه استقال من منصبه بعد حادثة قانا احتجاجًا على صمت المجتمع الدولي تجاه معاناة الفلسطينيين، قائلاً إن "العمل الإنساني الحقيقي لا يقبل المساومة".
أما يسرا، فتحدثت بشغف عن قدرة السينما على إحداث التغيير قائلة: "السينما ممكن تغير العالم وتخلي الإنسان يرجع لإنسانيته"، مشيدة بالدور الذي تلعبه المهرجانات العربية في دعم القضايا الإنسانية، وبخاصة القضية الفلسطينية.
دور السينما في زمن النزاعات
وسلّط السفير حمد عبيد الزعابي الضوء على منهجية العمل الإنساني في دولة الإمارات منذ عهد الشيخ زايد، موضحًا أن العطاء كان يتم بصمت ودون دعاية، لكنه أكد أهمية توثيق تلك الجهود كإرث للأجيال القادمة وتحفيز للمجتمع على العطاء.
وفي لفتة مؤثرة، شاركت زينة من غزة تجربتها كضيفة للمهرجان للعام الثاني على التوالي، معبّرة عن امتنانها العميق لمهرجان الجونة الذي منحها مساحة للتعبير عن ذاتها، ومشيدة بالفنان حسين فهمي الذي استضافها سابقًا في مهرجان القاهرة السينمائي واهتم بعرض الأفلام الفلسطينية.
كما سلّطت الجلسة الضوء على دور السينما في زمن النزاعات، خصوصًا في ظل الحرب الدائرة في غزة، حيث تتحول الكاميرا إلى شاهد حيّ وأداة مقاومة تحفظ الذاكرة من النسيان. وأكد المتحدثون أن التوثيق السينمائي في مثل هذه اللحظات يتجاوز الجانب الفني ليصبح موقفًا أخلاقيًا يسعى لحماية الحقيقة والإنسان.
0 تعليق