يحتفل في 19 أكتوبر من كل عام بـ اليوم العالمي لمكافحة سرطان الثدي، وهو أحد أهم المبادرات الصحية التي أطلقتها منظمة الصحة العالمية بالتعاون مع مؤسسات الرعاية الصحية حول العالم، بهدف نشر الوعي حول المرض الذي يعد الأكثر شيوعاً بين النساء.
و تعود فكرة تخصيص هذا اليوم إلى أوائل تسعينيات القرن الماضي، حين دعت المنظمة وشركاؤها إلى توحيد الجهود لزيادة التثقيف الصحي وتوفير خدمات الكشف المبكر والعلاج، وجعل شهر أكتوبر بأكمله “شهر التوعية بسرطان الثدي”. واختيار هذا اليوم تحديداً في منتصف الشهر جاء ليكون ذروة الحملات العالمية، التي تضاء خلالها المعالم باللون الوردي، رمز الأمل و التعافي.
و تشير منظمة الصحة العالمية إلى أن أكثر من 3 ملايين حالة جديدة من سرطان الثدي قد تشخص سنويا بحلول عام 2050 إذا استمرت الاتجاهات الحالية.
وفي مصر، تظهر بيانات مشروع GLOBOCAN أن عدد الحالات الجديدة لجميع أنواع السرطان بلغ نحو 150,578 حالة في عام 2022، من بينها 26,845 حالة جديدة لسرطان الثدي وحده.
يمثل هذا اليوم العالمي دعوة مفتوحة لتعزيز الوعي، ونشر ثقافة الوقاية، ودعم النساء نفسيًا ومجتمعيًا في رحلة العلاج والتعافي.
فائدة المبادرات الرئاسية
من جانبه قال عميد مركز القصر العيني لعلاج الأورام والطب النووي الدكتور محمد عبد الرحمن لـ"البوابة نيوز" : إن سرطان الثدي لم يعد كما كان ينظر إليه سابقاً “مرضاً قاتلاً بلا أمل”، بل أصبح اليوم من أكثر السرطانات القابلة للعلاج والسيطرة بفضل التقدم العلمي والوعي المجتمعي المتزايد.
وأضاف : أن المبادرات الرئاسية للكشف المبكر في مصر ساعدت آلاف السيدات على اكتشاف المرض في مراحله الأولى، مما رفع نسب الشفاء إلى أكثر من 90% عند التشخيص المبكر.
و أشار إلى : إلى أن نحو 45% من الحالات في مصر تشخص في المرحلة الثالثة، وهي نسبة مرتفعة مقارنة بالدول التي تطبق برامج فحص وطنية شاملة.
و أردف : الكشف المبكر ليس رفاهية، بل ضرورة حقيقية لإنقاذ الأرواح ، فكل تأخير في التشخيص يزيد من شدة العلاج واحتمالات الانتشار.
كما شدد على : أن أهمية الدعم النفسي للأسرة والمجتمع، قائلاً: المريضات اللاتي يحصلن على دعم نفسي جيد يظهرن استجابة علاجية أفضل بكثير.
الوعى المجتمعى والفحص الدورى
وفى سياق متصل استشاري و مدرس جراحة الأورام و المناظير- المعهد القومي للأورام- جامعة القاهرة دكتور محمد عبد المعبود لـ"البوابة نيوز" : أن مفتاح مكافحة سرطان الثدي في مصر يكمن في الوعي المجتمعي والفحص الدوري.
و نصح : كل امرأة يجب أن تعتبر الفحص الذاتي شهريا واجبا لا يقل أهمية عن أي عادة صحية أخرى.
وأضاف : أن الفحص الشعاعي (الماموجرام) يجب أن يجرى سنويا للنساء فوق سن الأربعين، وهو ما أثبت فعاليته في الكشف المبكر وتقليل الوفيات بنسبة تصل إلى 40% وفق دراسات منظمة الصحة العالمية.
و لفت إلى : أن العوامل الوراثية تمثل فقط نحو 10% من الحالات، بينما البقية تعود إلى نمط الحياة، مثل السمنة وقلة النشاط البدني والنظام الغذائي الغني بالدهون.
ويختم حديثه قائلاً: “في الكلية نعمل على برامج تدريبية لرفع كفاءة الأطباء في جميع المحافظات، لأن العدالة الصحية تبدأ من ضمان حق كل امرأة في الفحص والعلاج مهما كان موقعها الجغرافي أو ظروفها الاقتصادية.”
الجانب النفسي
وفى ذات السياق قالت أستاذة علاج الأورام بكلية طب القصر العيني الدكتورة وفاء عاشور لـ"البوابة نيوز" : إن الجانب النفسي لدى المصابة لا يقل أهمية عن الجانب الطبي.
وأوضحت : أن الدعم النفسي والاجتماعي يشكل نصف العلاج، فالمريضة التي تشعر بالأمان والمحبة تتفاعل مع العلاج بشكل أفضل.
و كشفت عن: أن في الجامعة بالتعاون مع وزارة الصحة نظمت مبادرات مجتمعية لنشر التوعية في القرى والمراكز الريفية، إلى جانب دعم الناجية نفسيا عبر لقاءات جماعية وورش فنية.
كما قالت إن التطور الملحوظ في الجراحة الترميمية للثدي، الذي ساعد كثيراً من السيدات على استعادة ثقتهن بأنفسهن بعد العمليات، مضيفة: الطب الحديث لا يداوي الجسد فقط، بل يعيد للمرأة إحساسها بأنوثتها و إنسانيتها.”
وتختتم قائلة: أن سرطان الثدي لا يعني النهاية، بل بداية جديدة في حياة السيدة، شرط أن تواجهه بوعي وإصرار، وبمساندة من أسرتها ومجتمعها.
للوقاية من سرطان الثدي
يظهر ما تقدم أن مكافحة سرطان الثدي في مصر تبدأ من الوعي، والفحص المبكر، والدعم النفسي, الكشف المبكر يرفع معدلات الشفاء إلى أكثر من 90%، بينما تتراجع النسبة إلى أقل من 50% في الحالات المتأخرة.
توصي منظمة الصحة العالمية باتباع نمط حياة صحي يشمل: الحفاظ على وزن مناسب، تناول غذاء متوازن، ممارسة الرياضة بانتظام، وتجنب التدخين والضغوط النفسية. كما تشدد على أهمية الفحص الذاتي شهرياً، والفحص الإشعاعي بعد سن الأربعين.
وتدعو المبادرات المصرية إلى توسيع حملات الكشف المجاني في جميع المحافظات، وربطها ببرامج دعم نفسي واجتماعي مستمر.
إن 19 أكتوبر ليس مجرد يوم في الروزنامة، بل رسالة أمل متجددة بأن الوقاية والعلم والوعي قادرة على إنقاذ الأرواح. فكل امرأة تفحص نفسها اليوم، قد تنقذ حياتها غدًا.
0 تعليق