قال الدكتور طلعت سلامة، خبير العلاقات الدولية، إن الأزمة المزمنة بين باكستان وأفغانستان تمتد لعقود طويلة، وتشمل صراعات حدودية وأيديولوجية وقومية، إلى جانب وجود جماعات من كل دولة داخل أراضي الأخرى، ما يجعل حالة التوتر بين الجانبين مستمرة لغياب اتفاق سلام حقيقي يضمن استقرار العلاقات.
باكستان وأفغانستان تسعيان الى تحقيق سلام دائم بعد تبادل الاتهامات المستمر
وأوضح "سلامة" خلال مداخلة بقناة "النيل للأخبار"، أن تمديد وقف إطلاق النار لمدة 48 ساعة يمثل مكسبًا متبادلًا للطرفين، إذ تسعى كل من باكستان وأفغانستان لتحقيق سلام دائم بعد تبادل الاتهامات المستمر، حيث تتهم إسلام آباد كابول بإيواء مجموعات تابعة لحركة طالبان تهدد أمنها الداخلي، فيما تتهم أفغانستان جارتها بانتهاك سيادتها وحدودها الدولية.
وأشار إلى أن القبائل البشتونية المنتشرة على الحدود بين البلدين تشكل عاملًا إضافيًا للتوتر، خاصة مع محاولات أفغانية سابقة لإنشاء كيان خاص لهم، ما اعتبرته باكستان تهديدًا لسيادتها، ومع ذلك، يظل لدى البلدين رغبة حقيقية في تحقيق السلام نظرًا للمصالح الاقتصادية المشتركة والتداخلات الإقليمية والدولية المؤثرة في الملف.
أفغانستان تمثل شريانا حيويًا للتجارة مع باكستان
وأضاف خبير العلاقات الدولية، أن الجانبين يدركان أهمية التهدئة، فباكستان ترتبط بحدود ممتدة مع أفغانستان، بينما تمثل الأخيرة شريانًا حيويًا للتجارة بين البلدين، ما يجعل الاستقرار ضرورة استراتيجية واقتصادية، كما أن الحكومة الأفغانية الهشة والاقتصاد الضعيف بعد سيطرة حركة طالبان عام 2021 يجعلان كابول أكثر حرصًا على تجنب التصعيد العسكري.
ولفت إلى أن باكستان أيضًا تسعى لضمان أمنها الداخلي بشرط أن تعمل أفغانستان على تفكيك جماعة "الحراك الطالباني"، التي تعد أحد أخطر التنظيمات المهددة لاستقرارها.
وحول المباحثات المقررة بين الجانبين في الدوحة عقب تمديد الهدنة، أوضح سلامة أن استمرار التهدئة مرهون بتدخل المجتمع الدولي ودعمه لجهود الوساطة، مؤكدًا أن الصين، التي تربطها مصالح اقتصادية كبيرة بباكستان عبر الممر الاقتصادي الآسيوي، تمارس ضغوطًا لضمان الاستقرار، إلى جانب دور غير مباشر لكل من إيران وروسيا في ضبط المشهد الإقليمي.
المجتمع الدولي يحرص على بقاء المنطقة في حالة هدوء
وأضاف، أن الولايات المتحدة تتابع التطورات عن كثب خشية تمدد الحركات الجهادية عبر الحدود، مشددًا على أن المجتمع الدولي يحرص على بقاء المنطقة في حالة هدوء، لكن تحقيق ذلك يتطلب مراقبة دولية فعالة للحدود، واتفاقًا سياسيًا شاملًا يحول الهدنة المؤقتة إلى سلام دائم بين البلدين.
وأكد أن المصالح المشتركة بين باكستان وأفغانستان، سواء في محاربة الإرهاب أو تأمين الحدود والتعاون التجاري، قد تشكل الأساس لأي تفاهمات قادمة تضمن الاستقرار وتمنع تجدد الصراع.
0 تعليق