المطران أنطونيوس بشير.. من دوما إلى أمريكا مسيرة كنسية وفكرية تتوج بمتحف تخليدي

البوابة نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

وُلد المطران أنطونيوس بشير في 15 مايو  1898 في بلدة دوما اللبنانية لعائلة فقيرة حولت منزلها إلى خانٍ لاستقبال السوّاح القاصدين طبيعة المنطقة الخلابة. نشأ أنطونيوس في بيئة متعددة الديانات والثقافات، وتلقى دراسته الأولى في المدرسة المسكوبية قبل أن يلتحق عام 1911 بـإكليريكية البلمند، حيث بدأت ملامح نبوغه الروحي والفكري بالظهور.
 

بدايات الكهنوت والتعليم

 

عام 1916 رُسم شماسًا إنجيليًا على يد المطران جراسيموس مسرّة، الذي تبناه تلميذًا ومرافقًا له. وبعد تخرجه من البلمند، تابع دراسته في مدرسة الحقوق في بعبدا ثم في الجامعة الأميركية في بيروت. عام 1921 رُقيّ إلى رتبة أرشيدياكون، ثم كاهنًا وأرشمندريتًا عام 1922 في الولايات المتحدة خلال مؤتمر كنسي في أوريغون.
 

بداية الخدمة في أمريكا
 

استقر المطران أنطونيوس في المكسيك لفترة قصيرة قبل أن يُستدعى إلى الولايات المتحدة عام 1924، حيث بدأ خدمته بين المهاجرين السوريين واللبنانيين المنتشرين في أميركا وكندا.

نجح في تأسيس عدد من الكنائس الأنطاكية: في تريهوت (إنديانا) عام 1926، فكسبورغ (مسيسيبي) عام 1927، وديترويت (ميشيغين) عام 1931، حيث خدم حتى انتخابه مطرانًا عام 1936.
 

انتخابه مطرانًا على نيويورك وسائر أمريكا الشمالية


 

في 1936 انتُخب المطران أنطونيوس بشير مطرانًا لأبرشية نيويورك وسائر أمريكا الشمالية، ونُصّب رسميًا في كاتدرائية القديس نيقولاوس في بروكلين بتاريخ 19 ابريل  1936.

خلال خدمته، تميز بروح القيادة والتنظيم، فوحّد الرعايا المتفرقة، وكتب دستور الأبرشية، وواصل إدخال اللغة الإنكليزية في الليتورجيا الأرثوذكسية، كما أعاد إصدار مجلة “الكلمة” باللغة الإنكليزية.
فكر متنوّع وإسهامات أدبية

ترك المطران أنطونيوس إرثًا فكريًا غنيًا باللغتين العربية والإنجليزية. من أبرز مؤلفاته بالإنجليزية: دروس في الكنيسة الأرثوذكسية، التعليم المسيحي الأرثوذكسي، نص القداس الإلهي و: مراقي النجاح، أقرأ وأفكر، ثلاثة مفكرين في الدين.
 

كما قام بتعريب مؤلفات عالمية، منها:

لماذا أنا مسيحي؟، اعترافات تولستوي، الحياة البسيطة، اليوم وغدًا، والرجل الذي لا يعرفه أحد.

وكان له دور بارز في تعريب مؤلفات جبران خليل جبران الإنكليزية، مثل النبيّ ويسوع ابن الإنسان، التي لاقت انتشارًا واسعًا. 

رعاية الكهنة والشباب

أسس المطران أنطونيوس الجمعية السورية الأرثوذكسية للشباب (SOYO)، واهتم بتنشئة جيل مثقف من الكهنة، فأرسل طلابه إلى معاهد اللاهوت الأرثوذكسية في أميركا.

ومن أبرز من رسمهم كهنة وأصبحوا لاحقًا أساقفة: المطران إلياس قربان (طرابلس والكورة) وفيليب صليبا (نيويورك وأميركا الشمالية) والأسقف جبران رملاوي (أستراليا) والأسقف أثناسيوس صليبا


إنجازاته ومكانته الكنسية
 

أسهم المطران بشير في تأسيس رابطة الكنائس الأرثوذكسية في أميركا عام 1942، كما شغل منصب نائب رئيس المؤتمر الدائم للأساقفة الأرثوذكس في أميركا بين عامي 1960 و1966.

وقبيل وفاته، دعم إنشاء معهد القديس يوحنا الدمشقي اللاهوتي في البلمند، مساهمًا من ماله الخاص في المشروع الذي أكمله خلفه المطران فيليب صليبا.


الوفاة والإرث المتجدد

رقد المطران أنطونيوس بشير بالربّ في بوسطن بتاريخ  1966، تاركًا وراءه 75 رعية في الأبرشية، وإرثًا فكريًا وروحيًا خالدًا في تاريخ الكنيسة الأنطاكية.


متحف المطران في دوما

بعد عقود من الإهمال، أعادت مؤسسة حنا ونينا أيوب الاجتماعية ترميم منزل المطران في حارة السيدة – دوما عام 2016.

وفي 2019، زار الأب قسطنطين نصر البلدة، وبدأ مشروع تحويل البيت إلى متحف المطران أنطونيوس بشير، بالتعاون مع الخبيرة زينالي أيوب.

وانتهت أعمال التجهيز، ليُفتتح المتحف رسميًا في الخامس من الشهر المقبل في احتفال كبير، تكريمًا لمسيرة المطران الذي جمع بين الروحانية، والفكر، والرسالة.

رحل المطران أنطونيوس بشير، لكنه ترك وراءه كنيسة حيّة، وإيمانًا ممتدًا من دوما إلى نيويورك… ومن الأرض إلى السماء.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق