«كنوز الصحة ويواقيت المنحة».. رؤية طبية سبقت عصرها في عهد محمد علي باشا عن دار الكتب

البوابة نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أصدرت دار الكتب والوثائق القومية طبعة جديدة من كتاب "كنوز الصحة ويواقيت المنحة"، أحد أبرز المؤلفات الطبية في مصر خلال القرن التاسع عشر، والذي يعد من أوائل الكتب التي جمعت بين الطب الوقائي والعلاجي بأسلوب ميسر لعامة الناس، في إطار مشروع محمد علي باشا لتحديث مصر.

الطب الوقائي 

يأتي هذا الإصدار في سياق اهتمام دار الكتب بإحياء كنوز التراث العلمي والطبي المصري، عبر نشر الطبعة المنقحة من هذا الكتاب النادر الذي لعب دورًا بارزًا في تغيير نظرة المصريين للصحة والطب الحديث، في زمن كانت فيه الأوبئة كالكوليرا والطاعون تحصد أرواح الآلاف، وكان الاعتماد على المشعوذين والدجالين أكثر شيوعًا من اللجوء إلى الأطباء.

كلوت بك

يعود أصل الكتاب إلى الطبيب الفرنسي كلوت بك، أحد أبرز أعمدة النهضة الطبية في مصر خلال حكم محمد علي، الذي أوكلت إليه الدولة تأسيس مدرسة الطب وتحديث المنظومة الصحية، وقد أملى كلوت بك الكتاب باللغة الفرنسية ليخاطب فيه عامة الناس لاختصار الفجوة بينهم وبين مفاهيم الطب الحديث، ثم ترجم الكتاب إلى العربية وحرره محمد التونسي بن سليمان بأسلوب واضح، متجنبًا المصطلحات المعقدة، ليصل نفعه إلى جميع طبقات المجتمع.

يتناول الكتاب قضايا الصحة العامة، من البيئة الصحية، والتغذية، والنظافة، والوقاية من الأمراض، إلى تشخيص وعلاج أمراض مثل الطاعون والكوليرا والحمى واليرقان وأمراض الأطفال والنساء، وحتى التعامل مع التسمم ولسعات الحشرات. كما يشرح كيفية تناول الطعام وشرب المياه وتنظيم النوم والرياضة، ويخصص فصولاً للأمومة والطفولة.

ولم يغفل الكتاب أثر الطب على الأمن القومي، إذ شدد مؤلفوه على أهمية بناء مجتمع سليم الأبدان لدعم نهضة الدولة الحديثة، في وقت كانت الدولة تنفق كثيرًا على البنية الصحية، وتؤسس مدارس الطب والقابلات والمستشفيات والمارستانات.

كنوز الصحة

يعتبر "كنوز الصحة ويواقيت المنحة" من أوائل المؤلفات التي خاطبت العامة بأسلوب علمي مبسط، مما جعله يلقى رواجًا كبيرًا في زمانه، حتى نفدت طبعته الأولى التي صدرت عام 1844 من مطبعة بولاق، وأعيد طبعه عام 1854 عن المطبعة الميمنية.

وأكد د. أحمد الشربيني السيد، أستاذ التاريخ بجامعة القاهرة ومحرر الكتاب، أن إعادة إصداره عن دار الكتب تمثل خطوة مهمة في توثيق تاريخ الطب في مصر الحديثة، والجهود التي بُذلت لبناء منظومة صحية متكاملة، وأضاف أن الكتاب لا يزال يشكل مرجعًا مهمًا للباحثين في تاريخ الطب، والأوبئة، والتغذية، والمجتمع المصري في القرن التاسع عشر.

يشار إلى أن الكتاب يقدم أيضًا بُعدًا ثقافيًا واجتماعيًا مهمًا، حيث يعكس كيف تحول الوعي المجتمعي تجاه الصحة العامة من الاعتماد على الخرافات، إلى الأخذ بأسباب العلم والطب الحديث، في إطار مشروع الدولة لبناء الإنسان المصري الحديث.

3479f5a429.jpg
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق