فيفا بين أوكرانيا وفلسطين.. حياد مزعوم وازدواجية فاضحة

البوابة نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

انكشفت بوضوح ازدواجية المعايير في المواقف التي يتبناها الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا»، إذ يغض الطرف عن الانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة، بينما كان أكثر حزمًا وسرعة في التعامل مع الحرب الروسية الأوكرانية عام 2022، بعدما اتخذ قرارًا بتعليق مشاركة المنتخبات والأندية الروسية في مختلف البطولات الدولية، مبررًا ذلك بالتضامن مع الشعب الأوكراني.

737.webp

في المقابل، التزم «فيفا» صمتًا وصفه كثيرون بـ«المخزي» حيال ما يتعرض له الفلسطينيون في غزة والضفة الغربية من عدوان إسرائيلي ممنهج، رغم أن أنظمة المؤسسة الرياضية الدولية نفسها تنص على ضرورة احترام حقوق الإنسان والدفاع عنها، مما فتح أمامنا طرح عدة تساؤلات ملحة حول مدى استقلالية القرار الرياضي العالمي، ومدى تأثره بالحسابات السياسية والضغوط الغربية.

ازدواجية صارخة

بينما رفرفت أعلام أوكرانيا في الملاعب الأوروبية، ووقف اللاعبون دقيقة صمت في مختلف البطولات تضامنًا مع ضحايا الحرب الروسية، لم نر أي تحرك مشابه عندما قُصفت المستشفيات في غزة، أو عندما حُرم مئات الأطفال من حقهم في اللعب والرياضة تحت الحصار والقصف، بل على العكس، كثير من اللاعبين الذين أبدوا تضامنًا فرديًا مع القضية الفلسطينية تعرضوا لعقوبات وتحذيرات بدعوى إقحام السياسة في الرياضة، وهو ما يعكس تناقضًا فجًا في المواقف.

739.webp
4ddecee3b0.jpg

تقارير وإدانات دولية

في تقرير نشرته منصة «كومن دريمز» الأمريكية، كشف الأكاديمي المتخصص في السياسة والرياضة جولز بويكوف أن إسرائيل ترتكب فظائع موثقة ضد الفلسطينيين، تتراوح بين قصف المستشفيات ومنع دخول المساعدات الطبية إلى غزة، مرورًا بقتل المدنيين أثناء بحثهم عن الغذاء، وصولًا إلى تصعيد غير مسبوق في بناء المستوطنات بالضفة الغربية.

وأستشهد التقرير بتصريحات لرئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت، الذي وصف ممارسات حكومته بأنها "جرائم حرب"، مؤكدًا أن ما يحدث لا يمكن اعتباره مجرد عمليات عسكرية، بل انتهاكًا منهجيًا لكرامة وحقوق الإنسان الفلسطيني.

كما أشار بويكوف إلى أن الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم ينظم مباريات رسمية داخل مستوطنات مقامة على أراضٍ فلسطينية محتلة، في خرق صريح لأنظمة "فيفا"، واتهم قوات الاحتلال بقتل مئات اللاعبين والمدربين الفلسطينيين، وتدمير المنشآت الرياضية بشكل متعمد، من أبرزها ملعب اليرموك في غزة، الذي تم تحويله إلى مركز تحقيق مؤقت أثناء العدوان.

صمت «فيفا» وانتقادات المفكرين

المفكر الأمريكي هنري جيرو وصف موقف فيفا بـ«عنف النسيان المنظم»، مشيرًا إلى أن المؤسسة الرياضية الدولية تُظهر ازدواجية واضحة في معاييرها، إذ سارعت لتجميد النشاط الرياضي الروسي بعد غزو أوكرانيا، بينما تلتزم الصمت حيال الجرائم التي تُرتكب يوميًا في فلسطين.

وأوضح جيرو أن تحرك «فيفا» ضد روسيا لم يكن بدافع المبادئ وحدها، بل نتيجة الضغط الواقع عليها من عدة اتحادات أوروبية، مثل إنجلترا وبولندا والسويد والتشيك، التي رفضت مواجهة المنتخبات الروسية، وهو ما أجبر الاتحاد الدولي على اتخاذ قرارات حاسمة.

تضامن اللاعبين رغم القيود

رغم صمت المؤسسات الرياضية، لم يتردد عدد من اللاعبين البارزين في التعبير عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني. فقد نشر النجم المصري محمد صلاح مقطع فيديو مؤثرًا دعا فيه المجتمع الدولي إلى وقف قتل الأبرياء في غزة، في خطوة لاقت صدى واسعًا عالميًا.

10d800fb45.jpg

كما رفع الجزائري رياض محرز علم فلسطين خلال احتفالات فريقه مانشستر سيتي بالتتويج، فيما عبر المغربي حكيم زياش وعدد من اللاعبين العرب والمسلمين عن مواقف مشابهة، لكن هذه التحركات الفردية كثيرًا ما قوبلت بردود فعل عقابية أو تحذيرات من الاتحادات المحلية والأندية الأوروبية، في تذكير بأن حرية التعبير في الرياضة غالبًا ما تكون مقيدة عندما يتعلق الأمر بفلسطين.

741.webp

دعوات بالتساوى فى تناول القضايا

على الجانب الآخر، تتصاعد الدعوات من اتحادات عربية وآسيوية لمعاملة إسرائيل بالطريقة ذاتها التي عوملت بها روسيا، فقد طالبت اتحادات في الكويت والجزائر وماليزيا، إلى جانب شخصيات رياضية آسيوية وأفريقية، بضرورة فرض عقوبات رياضية على إسرائيل وحرمانها من المشاركة في البطولات الدولية، كما أشار بعضهم إلى أن استمرار ازدواجية المعايير يقوض مصداقية «فيفا» ويجعلها أداة في يد القوى الكبرى بدلًا من أن تكون مؤسسة مستقلة تدافع عن قيم الرياضة.

أسئلة مشروعة

يبقى السؤال الأبرز، لماذا تُمنح أوكرانيا حق التضامن الرياضي بينما يُحرم الفلسطينيون منه، ولماذا تتحول الرياضة التي يفترض أن تكون منبرًا للحرية إلى أداة لتبييض صورة المعتدي في الحالة الإسرائيلية؟.

المؤكد أن الرياضة تمتلك قوة هائلة لتسليط الضوء على الظلم وتعزيز قيم العدالة، غير أن غياب المساواة في التعامل مع قضايا الشعوب يهدد مصداقية المؤسسات الرياضية الكبرى، وبضعها في دائرة الاتهام بالانحياز السياسي.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق