قصر شامبليون.. تحفة لـ أنطونيو لاشياك رفضتها أميرة وأصبح مهجورًا

اليوم 7 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في قلب القاهرة الخديوية، وتحديدًا بشارع "شامبليون" الشهير، يقف قصر مهيب تروي جدرانه حكاية درامية تجمع بين الحب والرفض والغموض. إنه قصر الأمير سعيد حليم باشا، المعروف شعبيًا بـ"قصر شامبليون"، التحفة المعمارية التي صمدت لأكثر من قرن، لتبقى شاهدة على تاريخ طويل تحول من الفخامة الملكية إلى فصول دراسية، ثم إلى "قصر مهجور" ينتظر قبلة الحياة.

 

هدية الحب المرفوضة

تعود حكاية هذا الصرح إلى عام 1896، حين أراد الأمير سعيد حليم، أحد أمراء الأسرة العلوية، أن يهدي زوجته عربون محبة، فشيد لها هذا القصر المنيف، لكن "هدية الحب" قوبلت بصدمة غير متوقعة؛ فقد رفضت الأميرة السكن فيه، مفضلة عليه قصرها المطل على مضيق البوسفور في تركيا.

ورغم فخامة الأثاث وروعة البنيان، لم يسكن القصر أحد مطلقًا، ليقرر الأمير لاحقاً إهداءه إلى وزارة التربية والتعليم، فيتحول القصر الملكي إلى "مدرسة الناصرية الإعدادية"، التي ظلت تخرج الأجيال حتى عام 2004.

 

بصمة "لاشياك" الإيطالية

أوكل الأمير مهمة التصميم إلى المعماري الإيطالي الشهير "أنطونيو لاشياك"، وهو ذاته مبدع قصر المنتزه ومجدد قصر عابدين بعد احتراقه. شُيد القصر على مساحة تقارب 445 مترًا، متخذًا شكل حرف "U" على الطراز الإيطالي الفاخر.

يتكون القصر من مبنى رئيسي وجناحين يضمان عددًا كبيرًا من الغرف يربط بينها سلم ضخم، وتتزين واجهاته وجدرانه بتماثيل أسطورية مستمدة من الحضارتين الرومانية واليونانية، ممزوجة بلمسات من الأساطير المصرية القديمة، ليخرج المبنى في صورة تضاهي أجمل مباني ذلك العصر، كعمارة بنك مصر والقصور الخديوية.

 

من "وابور المياه" إلى "شامبليون"

لم يكتسب القصر اسمه الحالي من صاحبه الأصلي، بل من الشارع الذي يقطنه. تاريخياً، كان الشارع يُعرف بـ"وابور المياه" لوجود ماكينة رفع المياه من ترعة الإسماعيلية لصبها في أحواض التحلية (موقع نقابتي الصحفيين والمحامين حالياً).

لاحقاً سُمي الشارع باسم الأمير "سعيد حليم"، وفي مارس 1923 قرر مجلس تنظيم العاصمة تغيير الاسم إلى "شامبليون" تخليدًا لذكرى العالم الفرنسي "جان فرانسوا شامبليون" الذي فك رموز حجر رشيد، ليرتبط اسم القصر تلقائيًا باسم الشارع في ذهن العامة، ويطغى على اسم صاحبه الأصلي.

 

غموض الحاضر ونزاع الورثة

اليوم، يُعرف المكان بـ"القصر المهجور"، حيث تحيط به هالة من الغموض تزيدها نوافذه المفتوحة التي يطل منها الظلام الدامس، والأشجار العالية التي تعانق جدرانه.

ورغم تصنيفه كواحد من أجمل القصور المهجورة عالمياً، إلا أنه يقف حائراً وسط نزاع قانوني بين ورثة الأمير والجهات المعنية بالآثار، بانتظار مشروع ترميم يعيد إليه بريقه المفقود، وينقذه من مصير الإهمال الذي حول تحفة "لاشياك" إلى مجرد ذكرى غامضة في وسط البلد.

أخبار ذات صلة

0 تعليق