أكد سودانيون أن بلدهم يعيش وضعًا صحيًا مأساويًا بعد التفشى الواسع للأوبئة والأمراض المعدية، فى ظل هجمات ميليشيات الدعم السريع التى أدت إلى انهيار شبه كامل للنظام الصحى، وتعطل أكثر من ٨٠٪ من منشآته، واضطرار ملايين المدنيين إلى العيش فى ظروف قاسية، دون مياه صالحة للشرب أو صرف صحى سليم، ما أسهم بشكل مباشر فى انتشار الأمراض مثل الملاريا، حمى الضنك، الكوليرا، والتيفوئيد، وسط عجز تام عن تقديم العلاج والمساعدات الطبية الطارئة.
قال محمد أبوبكر موسى، من مدينة الفاشر، إن السودان يمرّ بواحدة من أسوأ الكوارث الصحية فى تاريخه الحديث، فى ظل استمرار الحرب منذ أبريل ٢٠٢٣، والتى تسببت فى انهيار شبه كامل للمنظومة الطبية بمعظم ولايات البلاد.
وأوضح «موسى»، أن هذا الانهيار أدّى إلى تفشى أوبئة خطيرة، على رأسها وباء الكوليرا، الذى بات ينتشر فى غالبية الولايات، مشيرًا إلى أن الإصابات والوفيات سُجلت فى ١٧ ولاية من أصل ١٨، مع تركز الأزمة بصورة حادة فى ولايات الخرطوم، كسلا، القضارف، نهر النيل، والجزيرة، نتيجة تدهور خدمات المياه.
ولفت إلى أن الأوضاع فى إقليم دارفور، لا سيما فى محلية طويلة ومدينة الفاشر، بالغة الخطورة، مؤكدًا أن الاكتظاظ الكبير للنازحين، وتلوث مصادر المياه، وغياب الخدمات الصحية، أسهم فى خلق بيئة مثالية لانتشار الأمراض الوبائية، وسط عجز شبه كامل عن الاستجابة الطبية.
وقال «موسى»، إن ولايات شرق السودان، خاصة كسلا، إضافة إلى الخرطوم، تشهد ارتفاعًا مقلقًا فى حالات الإصابة بالملاريا وحمى الضنك، موضحًا أن انتشار البرك المائية بعد الفيضانات، وتراجع حملات مكافحة النواقل، فاقما من حدة الوضع الصحى.
وأضاف، أن الأطفال هم الضحية الأكبر لهذه الأزمة، مشيرًا إلى أن معدلات سوء التغذية الحاد تجاوزت حد الطوارئ فى عدد من المناطق، ما جعل الأطفال أكثر عرضة للإصابة بأمراض قاتلة مثل الحصبة، فى ظل غياب اللقاحات والعلاج.
وذكر أن النظام الصحى تعرّض لتدمير واسع النطاق، مشيرًا إلى أن بين ٨٠٪ و٩٩.٩٪ من المرافق الصحية فى الخرطوم ودارفور وكردفان خرجت عن الخدمة، فيما توقفت مستشفيات الفاشر بالكامل عن العمل، نتيجة التدمير والنهب وانعدام الأمن.
وأشار إلى أن استهداف المرافق الصحية والطواقم الطبية أدى إلى مقتل المئات من الكوادر، وإلى نزوح أعداد كبيرة من الأطباء والممرضين، ما عمّق أزمة نقص الكوادر والإمدادات الطبية.
من جهته، قال المواطن سيف الدين عبدالله، إن الانهيار شبه الكامل للقطاع الصحى أدى إلى تفشى الأمراض بشكل واسع فى أنحاء البلاد، مضيفًا: أن الوضع الصحى يزداد سوءًا يومًا بعد يوم بسبب الاستهداف المنهجى من قبل ميليشيا الدعم السريع للمنشآت الصحية، والطواقم الطبية، وسلاسل الإمدادات الدوائية.
وأشار إلى أن الأمراض الأكثر انتشارًا تشمل الكوليرا، الملاريا، الحصبة، وحمى الضنك، مشيرًا إلى أن هذه الأمراض لم تعد تحت السيطرة، وأصبح انتشارها سريعًا بين الأطفال والنساء وكبار السن على حد سواء.
وأكد أن معدلات سوء التغذية الحاد تجاوزت مستويات الطوارئ فى العديد من الولايات، ما يجعل الأطفال أكثر عرضة للإصابة بالأمراض المميتة.
كما أكد الناشط عبدالرءوف خالد محمد، أن الأزمة تفاقمت بسبب جرائم ميليشيا الدعم السريع، التى استهدفت المستشفيات ونهبت الإمدادات الطبية، وعرقلت وصول المساعدات إلى المدنيين فى مناطق النزاع.
وأشار إلى أن طبيعة المجتمع السودانى وتماسكه الاجتماعى أسهمت بشكل كبير فى مواجهة هذه الكارثة الصحية، قائلًا: «على الرغم من حجم المعاناة، فإن السودانيين أثبتوا قدرتهم على التكاتف والتعاون لتجاوز آثار الحرب ومخلفاتها، ووقف انتشار الأمراض فى مجتمعاتهم».
فى السياق ذاته، أشار الناشط عثمان البخيت، إلى أن انتشار الأوبئة المرتبطة بالمياه الملوثة يمثل تهديدًا كبيرًا على حياة المدنيين، مضيفًا: «الكثير من المواطنين، وخاصة فى مناطق النزاع، يضطرون لشرب مياه المستنقعات والبرك المائية، ما أدى إلى انتشار الملاريا وحمى الضنك والكوليرا بين الأطفال والنساء وكبار السن».
وأكد «البخيت»، أن الوضع الصحى كارثى فى ولايات دارفور، كردفان، الخرطوم، حيث توقف العديد من المستشفيات عن تقديم الخدمات الأساسية، مشيرًا إلى أن نسبة المستشفيات متوقفة، نتيجة التدمير الممنهج ونهب الإمدادات الطبية من قبل ميليشيا الدعم السريع.
وأشار إلى أن الانهيار الصحى ترافق مع غياب الإمدادات الدوائية الأساسية، بما فى ذلك أدوية الملاريا والأدوية المنقذة للحياة، ما أدى إلى ارتفاع حالات الوفاة بين المرضى الذين لا يجدون علاجًا مناسبًا.
أما الصحفية، هانم آدم، فقالت إن ٨٠٪ من منشآت النظام الصحى تعطلت، ما فتح الباب أمام انتشار واسع وخطير للأوبئة والأمراض الفتاكة.
وأوضحت، أن جرائم ميليشيا الدعم السريع لم تقتصر على القتل والتهجير ونهب الممتلكات، بل امتدت لتدمير ممنهج للبنية التحتية الصحية، حيث تعرضت المستشفيات والمراكز الطبية للتخريب أو الاحتلال العسكرى، بينما أُجبر آلاف الأطباء والكوادر الصحية على النزوح أو الفرار خارج البلاد، ما أدى إلى فراغ صحى قاتل فى معظم الولايات.











0 تعليق