مستشار الرئيس الفلسطينى: مصر أفشلت مخطط التهجير القسرى وحافظت على وجودنا فى غزة

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

- فلسطين لن تضيع ما دام هناك دعم صادق ومستمر من الأشقاء فى مصر

- على المجتمع الدولى حماية التراث الدينى والإنسانى فى القدس والخليل من اعتداءات الصهاينة

قال الدكتور محمود الهباش، مستشار الرئيس الفلسطينى قاضى قضاة فلسطين، إن مصر تمثل الأمل بالنسبة للشعب الفلسطينى، بعد أن تمكنت من إفشال المخطط الإسرائيلى بتهجير شعب غزة قسرًا من القطاع، مؤكدًا أن «فلسطين لن تضيع ما دام هناك دعم صادق ومستمر من الأشقاء فى مصر».

وأضاف «الهباش»، فى حواره لـ«الدستور»، أن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلى تتزايد كل يوم، ووصلت للتعدى على المقدسات مثل المسجد الأقصى، مشددًا على أن التطرف الصهيونى ينذر بعواقب لا يمكن التنبؤ بها.

ولفت إلى أهمية أن يتكاتف المجتمع الدولى لإجبار إسرائيل على السماح بدخول المساعدات الغذائية والأدوية، مؤكدًا أن أكاذيب الإسرائيليين لم تعد تنطلى على أحد، و«قد تأكدت شعوب العالم أن الصهاينة يرتكبون أبشع الجرائم فى غزة».

■ بداية.. كيف تصف الوضع الإنسانى حاليًا فى قطاع غزة؟

- هو الأسوأ على الإطلاق، فالاحتياجات الضرورية والأساسية غير متوافرة، بل تكاد تكون منعدمة، فى ظل حصار إسرائيلى خانق وعرقلة متعمدة لكل أشكال المساعدات الإنسانية. قطاع غزة يحتاج يوميًا إلى ما يقارب ٧٠٠ شاحنة من المواد الغذائية والطبية والإنسانية، لكن ما يدخل فعليًا لا يتجاوز ٧٠ شاحنة فقط، أى نحو ١٠٪ من الاحتياجات اليومية، سواء مساعدات أو تجارة، فضلًا عن ارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق، والمواد شحيحة، وحتى مياه الشرب غير متوافرة بالشكل المطلوب. كما أن هناك نقصًا حادًا فى الأدوية والمستلزمات الطبية ومستلزمات المستشفيات، ما يضع حياة مئات الآلاف من المدنيين فى خطر حقيقى.

■ ما الذى يحتاجه القطاع فى هذه المرحلة الحرجة؟

- هذا الوضع يتطلب تدخلًا عاجلًا من المجتمع الدولى، وتدخلًا من الوسطاء، للضغط على إسرائيل وإجبارها على السماح بدخول حر وآمن ومتواصل للمساعدات الإنسانية اللائقة إلى قطاع غزة، من أجل مواجهة الأوضاع المتفاقمة هناك.

نحن نعمل بقدر ما نستطيع مع الجهات الشريكة، سواء منظمات الأمم المتحدة وعلى رأسها وكالة أونروا، أو المنظمات الدولية الأخرى، وكذلك مع الدول المختلفة، ومع مصر والأردن باعتبارهما الدولتين القريبتين إلى فلسطين، من أجل ضمان إدخال كميات أكبر من المساعدات.

■ ما تقييمك للدور المصرى منذ بداية الأزمة؟

- أود أن أشيد بالدور المصرى، فمنذ بداية الأزمة وحتى اليوم استطاعت مصر، بموقفها الصلب والحاسم، أن تُفشل مخطط التهجير القسرى الذى كانت تسعى إليه حكومة الاحتلال الإسرائيلى، وأن تحافظ على الوجود الفلسطينى داخل قطاع غزة، هذا الموقف المصرى جاء منسجمًا تمامًا مع الموقفين الفلسطينى والعربى، والتف الجميع حوله، بل إن المجتمع الدولى نفسه بدأ يغير مزاجه نتيجة صلابة هذا الموقف.

ثم إن أكثر من ٦٠٪ من المساعدات التى تصل إلى قطاع غزة مصدرها مصر، سواء من الحكومة أو من تبرعات الشعب المصرى، أو من بيت الزكاة والصدقات التابع للأزهر الشريف، فضلًا عن مساهمات كبيرة من القطاع الخاص المصرى، وهناك مئات الشاحنات المصرية الجاهزة للدخول، لكنها تصطدم بعرقلة الاحتلال الإسرائيلى.

كما أن مصر قادت جهود التوصل إلى وقف إطلاق النار، ورغم الإعلان عنه واصلت إسرائيل انتهاكاتها، ما أسفر عن سقوط آلاف الشهداء، ما يؤكد طبيعة الاحتلال وعدم التزامه بأى تعهدات.

إجمالًا الفلسطينيون يرون فى مصر الأمل الحقيقى، ويؤمنون بأن فلسطين لن تضيع فى ظل هذا الدعم الصادق والمتواصل.

■ هل استغل الاحتلال انشغال العالم بما يجرى فى غزة ليسيطر على الأماكن الأثرية فى فلسطين؟

- نعم.. بكل تأكيد. الاحتلال الإسرائيلى استغل انشغال العالم وشنّ عمليات نهب وسرقة ممنهجة لممتلكات المواطنين الفلسطينيين داخل قطاع غزة، وليس المناطق الأثرية فحسب، فهناك حالات موثقة لسرقة الحُلى والمجوهرات من داخل البيوت، بل ومصادرة الحُلى التى كانت ترتديها النساء، إسرائيل أضافت إلى جرائم الإبادة والتطهير العرقى والقتل جرائم سرقة وقرصنة منظمة.

■ ما مستجدات الوضع فى الضفة الغربية؟

- إسرائيل استغلت الوضع فى غزة لإطلاق العنان لمخططاتها الاستيطانية فى الضفة الغربية، كما سمحت للمستوطنين بالاعتداء على المقدسات الإسلامية، فى فلسطين كلها، خاصة المسجد الأقصى والمسجد الإبراهيمى. منذ ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ تضاعفت الانتهاكات بشكل خطير، وهناك مخطط إسرائيلى لنقل صلاحيات وإدارة المسجد الإبراهيمى من الأوقاف الإسلامية إلى المستوطنين، وهو أمر بالغ الخطورة وينذر بعواقب وخيمة وقد يؤدى إلى ردود أفعال لا يمكن التنبؤ بها.

■ ما الذى تطالبون به المجتمع الدولى؟

- نطالب المجتمع الدولى بالتدخل الفورى لحماية التراث الإنسانى والدينى فى القدس والخليل، ومنع تفاقم الأوضاع، ووقف خطاب الكراهية والعنصرية الذى تروج له إسرائيل وتسعى إلى ترسيخه داخل الأرض الفلسطينية من خلال الجرائم ذات الخلفية العنصرية.

■ لماذا تؤكدون دائمًا البُعد الدينى للقضية الفلسطينية؟

- لأن القضية الفلسطينية قضية مرتبطة بالعقيدة والمقدسات والدين. والخطاب الدينى يعد ركيزة أساسية فى حماية القضية الفلسطينية، من خلال توعية المسلمين بمركزية المسجدين الأقصى والإبراهيمى، وقدسية أرض فلسطين وأهميتها فى العقيدة الإسلامية، هذا الوعى جزء أصيل من مشروع التصدى للاحتلال الإسرائيلى ومخططاته، وحماية الأرض الفلسطينية من التهويد، وحماية المقدسات من الانتهاكات.

■ كيف تصفون صمود الشعب الفلسطينى؟

- شعب صابر وصامد وباقٍ ما دام الزعتر والزيتون، ولن يتخلى عن أرضه مهما اشتدت التحديات أو تعاظمت التضحيات، لأنه صاحب حق ثابت لا يسقط.

■ لماذا تركز السلطة الفلسطينية جهودها على تحقيق الوحدة الوطنية؟

- وحدة الموقف الوطنى تمثل حجر الزاوية فى مواجهة الاحتلال، وهى الحل الأمثل لتعزيز الصمود وحماية الحقوق الوطنية، ودونها تتراجع القدرة على المواجهة وتضعف المواقف، لذا تركز السلطة جهودها لتحقيق الوحدة الوطنية.

■ كيف يمكن إيصال حقيقة ما يجرى فى فلسطين إلى العالم؟

- لدينا عدة مسارات، أولها: إيقاظ الوعى العربى والإسلامى، بحيث تصبح فلسطين بكل عناصرها الإنسانية والدينية والسياسية قضية يومية فى كل بيت عربى، وموضوعًا دائمًا فى كل مدرسة، وحضورًا ثابتًا فى كل وسيلة إعلام، وعلى المؤسسات الدينية دور مركزى فى الحفاظ على هذا الوعى، كما أن للإعلام العربى والدولى دورًا محوريًا فى كشف الرواية الحقيقية.

بعد أن نجحت الدعاية الإسرائيلية فى البداية فى خداع العالم، اكتشف الرأى العام الدولى حجم التضليل، وبدأ المزاج العالمى يتغير، وظهرت مظاهرات داعمة لفلسطين فى الجامعات والميادين حول العالم، بما فى ذلك داخل الولايات المتحدة.

■ ما الاستراتيجية الفلسطينية لمواجهة الاحتلال؟

- نعمل على مسارين، الأول: تعزيز صمود المواطن الفلسطينى، اقتصاديًا وتعليميًا وإسكانيًا وحماية الوجود الفلسطينى على الأرض، والثانى: المسار الدبلوماسى والقانونى والسياسى على مستوى المنظمات الدولية والمحاكم، وقد أثمر هذا الجهد عن اعتراف ١٦٠ دولة بدولة فلسطين.

■ ما رسالتك التى تريد توجيهها للشعب الفلسطينى والعالم الإسلامى؟ 

- أقول لهم إن فلسطين ليست قضية الفلسطينيين وحدهم، بل قضية العرب والمسلمين جميعًا، هى قبلة الدفاع عن الأمة العربية والإسلامية، والقدس ستبقى وطنًا حرًا مستقلًا مهما طال الاحتلال ومهما اشتدت المحن، فالحق لا يسقط بالتقادم ولا تهزمه القوة.

والفلسطينيون يقدرون كل موقف عربى أو إسلامى أو إنسانى داعم لقضيتهم، مهما كان حجمه، والمطلوب فى المرحلة الراهنة ليس الدخول فى حروب، بل أن يكون العرب ظهيرًا وسندًا للشعب الفلسطينى، بما يحافظ على حيوية القضية وعدالتها حتى يأذن الله بزوال الاحتلال.

■ كيف ترى استخدام إسرائيل التقنيات الحديثة فى عدوانها؟

- أدين بشدة استخدام إسرائيل التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعى فى ارتكاب الجرائم بحق الفلسطينيين، إذ يبتكر الاحتلال وسائل إجرامية جديدة تشمل المراقبة والتنصت واستخدام أسلحة محرمة دوليًا وذخائر ذات قدرة تدميرية هائلة.

هناك صاروخ واحد دمر منزلًا بالكامل وأدى إلى استشهاد ما يقارب ٢٠ فردًا من عائلتى فى لحظة واحدة، بينهم شقيقتى وأفراد من أسرتى، ومعظم الجثامين لم يُعثر على عظامها، فى مشهد يعكس طبيعة الأسلحة المستخدمة وتأثيرها المدمر. وهذه الأسلحة ناتجة عن توظيف تقنيات علمية كان من المفترض أن تُستخدم لخدمة الإنسان، لا لإنتاج وسائل قتل جماعى، ولجوء إسرائيل إلى هذه الأساليب أمر غير مستغرب، لأنه يتسق مع عقلية إجرامية تهيمن على مراكز صنع القرار فى دولة الاحتلال.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق