حذر الدكتور محمد مهران، أستاذ القانون الدولي العام، وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، من أن مصادقة المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر "الكابينت" على إنشاء 19 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية المحتلة تمثل إعلانا صريحا بدفن حل الدولتين للأبد وتحويل الاحتلال لنظام استعماري استيطاني دائم.
وأكد مهران، في تصريحات صحفية، أن القرار جاء في توقيت يكشف الوجه الحقيقي للاحتلال، موضحا أن المصادقة تمت بينما العالم يتحدث عن وقف إطلاق النار في غزة مما يعني أن إسرائيل تستغل الهدوء النسبي للتوسع الاستيطاني الجنوني في الضفة الغربية دون أن يلتفت إليها أحد.
ولفت إلى أن حجم القرار يعكس مخططا استراتيجيا للضم الكامل، مؤكدا أن 19 مستوطنة دفعة واحدة ليست قرارا عشوائيا بل جزء من استراتيجية محكمة لفرض وقائع استيطانية لا رجعة فيها تجعل أي حديث عن دولة فلسطينية مجرد خيال.
وأشار إلى أن المواقع المختارة تستهدف تقطيع أوصال الضفة، موضحا أن المستوطنات ستنتشر في مناطق استراتيجية تفصل المدن الفلسطينية عن بعضها وتحاصر القدس الشرقية وتسيطر على الأغوار والطرق الرئيسية مما يحول التجمعات الفلسطينية لجيوب معزولة محاطة بالمستوطنات.
ونوه مهران إلى أن القرار يستهدف جلب مئات الآلاف من المستوطنين المتطرفين، محذرا من أن كل مستوطنة جديدة تعني آلاف الوحدات السكنية وعشرات الآلاف من المستوطنين المسلحين الذين سيمارسون الإرهاب اليومي ضد الفلسطينيين تحت حماية جيش الاحتلال.
وأكد من منظور القانون الدولي أن كل مستوطنة جريمة حرب مستقلة، موضحا أن نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ينص صراحة على أن نقل السكان المدنيين لدولة الاحتلال إلى الأراضي المحتلة يشكل جريمة حرب وأن 19 مستوطنة تعني 19 جريمة حرب متزامنة.
ولفت أستاذ القانون الدولي إلى أن قرارات الأمم المتحدة المتعاقبة أدانت الاستيطان بوضوح، مؤكدا أن مجلس الأمن أصدر عشرات القرارات التي تؤكد أن الاستيطان غير شرعي وعقبة أمام السلام وأبرزها القرار 2334 الذي أكد بطلان أي تغييرات ديموغرافية أو إقليمية في الأراضي المحتلة.
كما أشار إلى أن محكمة العدل الدولية حسمت المسألة قانونيا، موضحا أن المحكمة أكدت في فتاوى متعددة أن المستوطنات تنتهك القانون الدولي ويجب إزالتها فورا وأن إسرائيل ملزمة بوقف الاستيطان والانسحاب من الأراضي المحتلة.
وبين ايضا أن الصمت الدولي على هذه الجريمة يشجع على تكرارها، محذرا من أن غياب أي رد فعل دولي حقيقي على قرارات استيطانية سابقة يجرئ إسرائيل على المضي قدما في مشاريعها الاستعمارية دون خوف من عواقب.
ودعا مهران المحكمة الجنائية الدولية لإصدار أوامر اعتقال جديدة، مطالبا باعتقال جميع الوزراء الذين صوتوا على القرار باعتبارهم مجرمي حرب يخططون وينفذون جرائم ضد الشعب الفلسطيني بشكل علني ومتعمد.
وختم الدكتور مهران تصريحاته بالتأكيد على أن الشعب الفلسطيني لن يقبل بالأمر الواقع، مشددا على أن كل مستوطنة جديدة تزرع بذور مقاومة جديدة وأن محاولة فرض الاستعمار الاستيطاني بالقوة ستواجه برفض شعبي شامل حتى تحرير كامل التراب الفلسطيني.










0 تعليق