عوامل كثيرة أثرت في تكوين شخصية الفنان عادل إمام، ذلك النجم الكبير الذ أستطاع أن يحفر اسمه بل يتصدر كبار نجوم وفناني السينما المصرية، وكانت تلك إحدى العوامل هو موقف شهده أنشأ بداخله قوة الرفض وتعلم قول كلمة لا.
عادل إمام وموقف شكل بداخله قوة الرفض
ووسط ظلال النكسة الثقيلة التي هزت وجدان جيل كامل، كان نجمنا عادل إمام، يشق طريقه بأدوار صغيرة، بعضها ترك في نفسه أثارا لم تنسى، وحسبما يرصد موقع تحيا مصر خلال التقرير التالية، وأكثر تلك الأدوار هي ظهوره كـ صبي العالمة، في فيلم سيد درويش، الدور الوحيد تقريبًا الذي اعترف بأنه ندم عليه وشعر بالخجل كلما ظهر على شاشة التلفزيون أمام أسرته.
كان فيلم سيد درويش، مجرد واحد من أعمال عديدة سبقت تشكل ما سماه لاحقًا “قوة الرفض”، تلك القوة التي صاغت اختياراته وأرست ملامح نجوميته. وبين 1967 و1973، تعلّم منها عادل إمام جيدا أن يقول «لا» لأي دور لا يقتنع به، خاصة بعد الانفجار الجماهيري الهائل لمسرحية مدرسة المشاغبين.
مدرسة المشاغبين.. مسرحية قلبت موازين الكوميديا المصرية
وراء هذا النجاح قصة لم تُحكَ بعد، تفاصيلها الحقيقية محفوظة في خزانة أسرار المنتج الكبير سمير خفاجي، الرجل الذي تحدّى انسحاب عمالقة الكوميديا فؤاد المهندس وعبد المنعم مدبولي، وراهن على مجموعة شباب مغمورين في مسرحية بعنوان مدرسة المشاغبين، من إخراج جلال الشرقاوي، تلك المغامرة التي لم تضم اسمًا لامعًا واحدًا، تحولت إلى ظاهرة مسرحية أعادت رسم خريطة الكوميديا المصرية وقلبت موازين الساحة بالكامل.
ويستعيد عادل إمام، تلك اللحظة كما لو كانت مشهده الفاصل في الحياة، اللحظة التي وُلدت فيها “قوة الرفض” داخل روحه. كانت مصر في زمن ما بعد النكسة، شعارات تملأ الشوارع: “لا صوت يعلو فوق صوت المعركة”، وهو شاب نحيل يحاول أن ينتزع مكانًا في الحياة، ويطارد لقمة عيش بالكاد تكفيه.
قول لا أثمن من 400 جنيه تعني الحياة
وحينها جاءه عرض رمضان، مسلسل تلفزيوني مقابل 400 جنيه، رقم بدا له وقتها مثل حلم لا يصدّقه، بعدما كان يتقاضى نصف جنيه في اليوم بمسرح التلفزيون. وافق فورًا، ورأى في المبلغ فرصة لينقذ نفسه من ضيق الحال، بدأ التصوير، وظهرت صورته في مقدمة العمل، قبل أن يأتي اليوم الذي سيقلب كل شيء.
كان المشهد داخل مقهى يعجّ بالأسماء التي ستصبح لاحقًا علامات في تاريخ الفن: سعيد صالح، سمير غانم، جورج سيدهم، الضيف أحمد، سهير الباروني، أحمد نبيل، عبد السلام محمد، سيد زيان، ومحمد رضا.
وما إن دارت الكاميرا، حتى تحولت الأجواء إلى فوضى لا تشبه السيناريو: محمد رضا يصفع عبد السلام، وعبد السلام يردّ على أحمد نبيل، وتتسلسل الصفعات كأنها رقصة عبثية، بينما تنطلق سهير الباروني في غناء ورقصة «على مين يا بتاع الفركيكو؟، وفي وسط الدخان والضجيج، وقف عادل مذهولًا، لم يفهم كيف تحوّل المشهد إلى مهزلة، لحظة صمت قصيرة شقّت صدره، قبل أن يعلو صوته، جريئًا لأول مرة استوب، كانت تلك الصرخة إعلان ميلاد رجل جديد، رجل قرر أن يقول «لا» لأول مرة، وأن لا يبيع نفسه ولو كان الثمن 400 جنيه كانت تعني له الحياة.









0 تعليق