شهد قطاع العملات المشفرة (الكريبتو) أواخر عام 2025 عاصفة هوجاء لم تكتفِ بزعزعة أركان السوق الأوسع، بل وجهت ضربة قاصمة ومباشرة لمشاريع إمبراطورية الأصول الرقمية المرتبطة بعائلة الرئيس دونالد ترمب.
انهيار أسهم العملات المشفرة
ففي مشهد مذهل يعكس الطبيعة المتقلبة والمحفوفة بالمخاطر للأسواق الرقمية، انهارت أسهم وعملات الشركات التي أسسها الرئيس وعائلته أو روجوا لها، مسجلة خسائر فادحة تراوحت بين 51% و75%، وهي نسب تجاوزت بكثير التراجع الذي شهدته العملة المشفرة الأكبر "بتكوين" التي هبطت بنحو 25% خلال نفس الفترة.
هذا التهاوي السريع لم يكن مجرد حدث مالي عابر، بل كشف عن هشاشة الثقة التي بُنيت على الدعم السياسي في قطاع يعتمد على الابتكار والاستقلالية.
أرقام تروي قصة أزمة المصداقية
كانت اللحظة الأكثر درامية هي الانهيار الفوري لسهم شركة "أميركان بتكوين كورب" (American Bitcoin Corp) لتعدين العملات المشفرة، والتي شارك في تأسيسها إريك ترمب؛ حيث هوت أسهمها بنسبة 33% في دقيقة واحدة من بدء التداول في أحد أيام الثلاثاء، وتفاقمت الخسائر لتلامس 75% في نهاية المطاف.
ولم تكن هذه الشركة وحدها في مواجهة العاصفة، فقد عانت شركة "وورلد ليبرتي فاينانشال" (World Liberty Financial)، التي أسسها الرئيس ترمب وأبناؤه، من هبوط رمزها (WLFI) بنسبة 51% من ذروته المسجلة في أوائل سبتمبر.
كما تراجعت أسهم شركة "آلت 5 سيغما" (Alt5 Sigma)، التي حظيت بترويج أبناء ترمب، بنحو 75% نتيجة تصاعد القضايا القانونية التي واجهتها، بينما هبطت عملات "الميم" (السخرية) المسماة باسم الرئيس وزوجته ميلانيا بأرقام شبه تدميرية وصلت إلى 90% و99% على التوالي من مستوياتها القياسية التي سجلتها في وقت سابق من العام.
أزمة الرهان السياسي على العملات المشفرة
لقد كان الدعم الذي قدمه دونالد ترمب لـ العملات المشفرة يعتبر في وقت ما "ميزة تنافسية"، إذ ساهم في رفع قيمة مجموعة واسعة من الرموز وجعل سعر بتكوين مؤشراً على نجاحه السياسي، غير أن التهاوي الأخير حول هذا الدعم فجأة إلى عبء ثقيل، مزيلاً أحد الركائز الأساسية لدعم هذه الأصول.
وقد ألقت هذه التحركات بظلال عميقة على الثروات الضخمة التي جمعتها العائلة الأولى، وكشفت عن السرعة التي يمكن أن تنهار بها الثقة في الأسواق التي تتميز بالمخاطرة العالية، وحتى الثقة في الشخصية السياسية نفسها.
وفي هذا السياق، علقت هيلاري ألين، الأستاذة بكلية واشنطن للقانون، مشيرة إلى أن "رئاسة ترمب أصبحت سيفاً ذا حدين بالنسبة لمسألة المصداقية"، مؤكدة أن الهدف من تحقيق المصداقية عبر عائلة ترمب لم يتحقق على الإطلاق.
على الرغم من مقاومة إريك ترمب الذي ألقى باللوم في الأداء السيئ لشركته على انتهاء فترة حظر البيع على الأسهم، فإن هذا الانهيار يمثل نقطة تحول هامة، حيث يضع علامات استفهام كبرى حول مدى جدوى الرهان على الرموز المشفرة المدعومة من شخصيات سياسية مقابل الابتكار التكنولوجي الأصيل، مؤكداً أن الاستثمارات في الأصول الرقمية تظل عرضة للتقلبات العنيفة، لكن هذه المرة تحمل الخسارة طابعاً سياسياً ومالياً مزدوجاً.
















0 تعليق