في عالمٍ يتغيّر كل لحظة، لم تعد أسعار النفط مجرد أرقام تتقلب على شاشات البورصات، بل تحوّلت إلى مرآة تعكس توترًا جيوسياسيًا متصاعدًا، وصراعًا خفيًا بين القوى الكبرى يمتد من البحر الأسود إلى سماء فنزويلا، وفي خضم هذه الفوضى، يقف المتعاملون في أسواق الطاقة كمن يسير فوق رمالٍ تهتز تحت قدميه، يتابعون كل هجوم وكل تصريح وكل حركة عسكرية بدقة شديدة، لأن شرارة واحدة كفيلة بإشعال موجة جديدة من موجات الصعود.
أسعار النفط العالمي اليوم الثلاثاء
وبين هجمات الطائرات المسيّرة، وتوتر العلاقات الأمريكية الفنزويلية، وتطورات الميدان الأوكراني، تبدو السوق وكأنها على حافة اضطراب أكبر، بينما تتجه الأسعار بثبات نحو الارتفاع، مدفوعة برياح سياسية لا تهدأ.
حالة الترقب في الأسواق العالمية نتيجة تصاعد التوترات العسكرية والسياسية
سجلت أسعار النفط ارتفاعًا جديدًا في تعاملات الثلاثاء، وذلك للجلسة الثانية على التوالي، مع اشتداد حالة الترقب في الأسواق العالمية نتيجة تصاعد التوترات العسكرية والسياسية التي تهدد استقرار إمدادات الطاقة. وجاء هذا الصعود وسط متابعة دقيقة لتداعيات الهجمات الأوكرانية بالطائرات المسيّرة التي استهدفت منشآت روسية للطاقة، وازدياد حدة الخلاف بين الولايات المتحدة وفنزويلا.
وارتفع خام برنت في العقود الآجلة بنحو 14 سنتًا ليصل إلى 63.31 دولارًا للبرميل، بينما صعد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بـ18 سنتًا مسجلًا 59.50 دولارًا للبرميل، بعد أن حقق الخامان مكاسب تجاوزت 1% في جلسة بداية الأسبوع.
وفي تطور آخر، أعلن اتحاد خطوط أنابيب بحر قزوين استئناف شحن النفط من إحدى محطاته على البحر الأسود، بعد توقف مؤقت أعقب هجوم أوكراني واسع بالطائرات المسيّرة في 29 نوفمبر. هذا الوضع، وفق محللين، يعزز الاعتقاد بأن فرص السلام لا تزال بعيدة، وأن أسواق الديزل والغاز مقبلة على موجة ارتفاع جديدة.
وأكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن كييف تركز على الحفاظ على سيادتها وتأمين ضمانات حماية قوية، مشيرًا إلى أن الصراع في المنطقة يزداد تعقيدًا مع مرور الوقت.
التصعيد في علاقة واشنطن مع فنزويلا يثير مخاوف حقيقية بشأن حجم الصادرات النفطية
وفي خضم التوترات، يترقب المستثمرون نتائج الإحاطة التي سيقدمها اليوم المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف للكرملين. كما لفت بنك ANZ إلى أن التصعيد في علاقة واشنطن مع فنزويلا يثير مخاوف حقيقية بشأن حجم الصادرات النفطية القادمة من المنطقة خلال الفترة المقبلة.
وتزامن ذلك مع تقارير تفيد بأن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عقد اجتماعات مع مستشاريه لبحث وسائل الضغط على فنزويلا، في ظل تصريحاته السابقة حول ضرورة اعتبار المجال الجوي فوق البلاد «منطقة مغلقة بالكامل».
ومع تحوّل الملفات السياسية والعسكرية إلى عوامل ضغط مباشرة على أسواق الطاقة، تتزايد المخاوف من موجات صعود جديدة في الأسعار، مدفوعة بحالة عدم اليقين التي تخيم على المشهد العالمي.















0 تعليق