قال محمد مصطفى أبوشامة، مدير المنتدى الاستراتيجي للفكر والحوار، إن القرار الإسرائيلي الأخير المتعلق بتسهيل عمليات نقل الملكية في الضفة الغربية يمكن قراءته ظاهريًا كخطوة تشريعية وقانونية، لكنه في جوهره يندرج ضمن مسار سياسي ممنهج يهدف إلى استكمال ما تقوم به حكومة الاحتلال من إجراءات للسيطرة الكاملة على الضفة الغربية واعتبارها جزءًا من دولة الاحتلال المزعومة، استنادًا إلى خرافات دينية يروج لها متطرفو الكيان.
ضم فعلي للضفة الغربية
وأوضح "أبوشامة"، في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن القانون الجديد يسعى إلى التخلص من القيود التاريخية التي كانت تمنع عمليات شراء مباشرة من قبل أفراد إسرائيليين داخل الضفة، بما يسهل تحويل ملكية الأراضي إلى مواطنين إسرائيليين ويمنح القضية بعدًا أكثر خطورة.
وأضاف أن الدافع السياسي وراء هذه الخطوة واضح، إذ يهدف الاحتلال إلى تعزيز وجود المستوطنين وتكريس شرعية الاستيطان من خلال تحويل الملكيات فعليًا على الأرض، بدل انتظار قرار سياسي شامل ما زال معطلًا بفعل الضغوط الأميركية الأخيرة، والتي حالت دون تنفيذ قرار سابق للكنيست بضم الضفة رسميًا.
وأشار مدير المنتدى الاستراتيجي إلى أن الخطوة تعد في الوقت ذاته ضمًا تدريجيًا وجزءًا من استراتيجية توسع استيطاني متكاملة؛ فمن زاوية عملية يعد تحويل الملكية على الأرض شكلًا من أشكال الضم الفعلي، لأنه يفرض وقائع جديدة قبل أي قرار سياسي.
وفي الوقت ذاته يشكل القانون أداة لتعزيز الاستيطان عبر غطاء قانوني بديلًا عن الوسائل العسكرية أو ممارسات العنف والبلطجة التي لطالما مارسها المستوطنون.
وأشار إلى أن هذا التشريع سيزيد الحالة المعقدة في الضفة الغربية، لأنه يمنح مالكي الأراضي الجدد حماية قانونية داخل النظام الإسرائيلي، وهو ما يقوّض فرص إثبات أو استعادة الملكية للفلسطينيين مستقبلًا.
ولفت إلى أن القانون يمكن أن يستغل لتبرير إلغاء حقوق قديمة في الأراضي ما لم تصن عبر الأدلة والإجراءات القانونية، خاصة في ظل تعقيدات إثبات الملكية داخل الأراضي المحتلة.
وحذر من أن الخطر حقيقي وإن لم يكن تلقائيًا، موضحًا أن القانون يسهل آليات نقل الملكية ما قد يفتح الباب أمام عمليات شراء مشبوهة أو ضغوط قانونية وإدارية تُمارس على أصحاب الأرض الأصليين، سواء عبر إخطارات المصادرة أو عرقلة تسجيل السندات أو تحويل مساحات واسعة إلى ما يسمى «أراضي دولة» ليتم تسليمها لاحقًا للمستوطنين. وأكد أن هذا المسار يمكن أن يؤدي عمليًا إلى إقصاء وتهجير فعليين، خصوصًا إذا ترافق مع ممارسات عسكرية داعمة على الأرض.
حل الدولتين
وفي ما يتعلق بتأثير القرار على فرص الوصول إلى حل الدولتين، شدد "أبو شامة" على أن الخطوة تمثل ضربة خطيرة للمسار السياسي، لأن تكريس ملكيات إسرائيلية جديدة داخل الضفة الغربية سيجعل أي مفاوضات حول الحدود المستقبلية أكثر تعقيدًا، إذ تؤدي الجزر الاستيطانية المتناثرة والملكيات المفروضة بالقوة إلى إعاقة ربط الجغرافيا الفلسطينية وتقليص السيادة الفعلية لأي دولة فلسطينية محتملة.
ولفت إلى أن الدور المتاح أمام المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية يتمثل في توثيق جميع الجرائم والخروقات الاستيطانية، والضغط السياسي والدبلوماسي على حكومة الاحتلال، إضافة إلى تفعيل المسارات القضائية الدولية في محكمة العدل الدولية ومجلس حقوق الإنسان، بما في ذلك الدفع نحو اتخاذ إجراءات اقتصادية وسياسية لردع دولة الاحتلال عن استمرار سياساتها الاستيطانية المخالفة للقانون الدولي.















0 تعليق