كشفت منصة القدرات العسكرية السودانية، في تقرير ميداني جديد، عن استمرار ميليشيا الدعم السريع في استخدام واستعراض الصاروخ الحراري المضاد للطائرات HN-5، المنظومة الصينية المحمولة على الكتف، والتي ظهرت في صفوف الميليشيا منذ الأيام الأولى للحرب.
التقرير سلط الضوء على دلالات خطيرة تتعلق بتطور تسليح الميليشيا، وقدرتها على تهديد الطيران المنخفض عبر سلاح يعتمد على التتبع بالأشعة تحت الحمراء، في وقت تتصاعد فيه المواجهات وتزداد معها محاولات فرض معادلة ردع في سماء الصراع السوداني.
الصاروخ الحراري HN-5 واستخدامه في حرب السودان
شهدت ساحة القتال في السودان خلال العامين الأخيرين تصاعدًا ملحوظًا في نوعية الأسلحة التي تستخدمها ميليشيا الدعم السريع، إذ لم تكتفِ بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة، بل اتجهت إلى توظيف منظومات مضادة للطائرات تعتمد على تقنيات التتبع الحراري، وعلى رأسها الصاروخ الصيني HN-5 MANPAD. هذا السلاح المحمول على الكتف بات جزءًا من عروض القوة التي تحرص الميليشيا على إبرازها في تسجيلاتها المصورة، مما يشي بمحاولة خلق معادلة ردع ضد الطيران العسكري السوداني.
منظومة صينية في حرب سودانية
يُعد صاروخ HN-5 أحد أشهر أنظمة الدفاع الجوي المحمولة على الكتف، وهو النسخة الصينية من المنظومة الروسية الشهيرة SAM-2، مع تطويرات جعلته أكثر خفة وأسهل في التشغيل. وقد ظهر هذا السلاح في القتال منذ الأيام الأولى للحرب، ما يشير إلى أن الميليشيا كانت تمتلكه مسبقًا ضمن ترسانة جرى تعزيزها عبر طرق الإمداد المختلفة.
المواصفات الفنية للصاروخ HN-5
يمتاز هذا الصاروخ بقدرته على تهديد الطيران المنخفض، إضافة إلى سهولة نقله وتشغيله من قبل فرد واحد فقط. ومن أبرز مواصفاته:
- السرعة: 500 متر في الثانية، وهي سرعة مناسبة لاعتراض الأهداف البطيئة والمتوسطة.
- المدى الفعلي: يبدأ من 0.8 كم ويصل حتى 4.4 كم.
- الارتفاع المؤثر: قدرة على إصابة الأهداف على ارتفاع يصل إلى 2.5 كم.
- نظام التوجيه:
يعتمد على التتبع بالأشعة تحت الحمراء (IR Passive Seeker)، ما يجعله يلاحق مصدر الحرارة في الطائرة مثل المحرك أو العادم. - فعالية مرتبطة بسرعة الهدف:
كلما ارتفعت سرعة الهدف تقل قدرة الصاروخ على تحقيق إصابة دقيقة، مما يجعله أكثر تخصصًا في استهداف الطائرات المروحية والطيران البطيء.
كيف يعمل الصاروخ على ملاحقة الطائرات؟
يعتمد النظام على حساس حراري يلتقط الإشارات القادمة من انبعاثات الحرارة الصادرة من الطائرات. وبمجرد التقاط الهدف، يتجه الصاروخ نحوه مستفيدًا من خفة وزنه وسرعة اندفاعه. ورغم أن نظام التوجيه هذا فعال ضد أهداف منخفضة الارتفاع وبطيئة الحركة، فإنه ضعيف أمام الطائرات الأسرع أو تلك المجهزة بأنظمة تشتيت حراري متقدمة.
كيف تتغلب الطائرات على الصاروخ؟
من نقاط الضعف الجوهرية في هذا النوع من الصواريخ أنه يمكن خداع نظام التتبع الحراري باستخدام المظلات الحرارية (Flares)، وهي كرات نارية تُطلقها الطائرات لتوليد حرارة أعلى من حرارة المحرك، فينحرف الصاروخ نحو الهدف الوهمي بدلًا من الطائرة.
كما أن سرعة الطائرة نفسها تمثل عنصر حماية؛ فكلما زادت سرعة الطائرة قلّت قدرة الصاروخ على الالتفاف والملاحقة.
لماذا تلجأ الميليشيا إلى إظهار هذا السلاح؟
هناك عدة أسباب وراء استعراض هذا النوع من المنظومات:
- إظهار قدرة مضادة للطيران لإرباك الجيش وإرسال رسالة بأن سماء المعركة ليست مفتوحة.
- تعزيز الروح المعنوية للمقاتلين عبر إظهار امتلاك أسلحة نوعية.
- التأثير الإعلامي العسكري، لأن الأنظمة المحمولة على الكتف تعد رمزًا للقوة لدى الجماعات المسلحة.
- محاولة تحقيق توازن أمام تفوق الجيش الجوي، حتى وإن كان التأثير العملياتي محدودًا.
محدودية التأثير… رغم خطورة الاستخدام
ورغم ما يشكله هذا السلاح من تهديد للطيران، إلا أن تأثيره العملي يظل محدودًا بسبب عدة عوامل:
- تمتعه بمدى وارتفاع صغيرين نسبيًا.
- ضعف التوجيه مقارنة بالأنظمة الحديثة.
- قابلية التشويش عليه بالمظلات الحرارية.
- الحاجة إلى مهارة في التشغيل غالبًا لا تمتلكها المجموعات غير النظامية إلا بدرجات متفاوتة.
انعكاسات استخدام السلاح على المشهد العسكري
إدخال الصواريخ الحرارية المحمولة إلى ساحات المعارك في السودان يزيد من تعقيد المشهد، خصوصًا في المناطق المكتظة بالسكان. كما يعكس محاولة مستمرة من الميليشيا لرفع كلفة العمليات الجوية ضدها عبر أسلحة يسهل إخفاؤها ونقلها واستخدامها.
ومع استمرار الحرب، يبقى هذا النوع من الأسلحة مؤشرًا على أن طرفي الصراع يطوران أدواتهما، وأن سماء المعركة أصبحت أكثر ازدحامًا بالمخاطر، ما يضيف أعباءً جديدة على سلاح الطيران ويرفع احتمالات الخطأ والتهديد المدني.
أقرأ أيضًا:









0 تعليق