فى الاتصال الذى تلقاه الرئيس عبدالفتاح السيسى من كير ستارمر، رئيس وزراء بريطانيا، تناول الحديث العديد من القضايا المهمة بين البلدين والمنطقة بأسرها. وجاءت تصريحات ستارمر واضحة بالتأييد المطلق للرؤية المصرية فى كل التحديات التى تتعرض لها المنطقة.
هذا التأييد البريطانى لم يأتِ من فراغ، ولكن بسبب الدبلوماسية الرئاسية التى يشيد بها العالم حاليًا لأسباب كثيرة. لقد اتسم الدور المصرى بالتحرك السريع والفعال فى أوقات الأزمات، مستندًا إلى ثقله التاريخى ورؤيته الثاقبة تجاه العديد من القضايا.
وتتركز الرؤية المصرية للتهدئة فى المنطقة على ثلاثة محاور رئيسية، هى: وقف إطلاق النار من الجانب الإسرائيلى، وإدخال المساعدات الإنسانية، ومعالجة الجذور الأساسية لأى صراع.
وفيما يخص ملفات التوتر الساخنة، خاصة الأوضاع فى قطاع غزة، لعبت مصر دور الوسيط الأساسى والضامن لاتفاقات التهدئة، حيث أشاد رئيس الوزراء البريطانى، كير ستارمر، صراحة، بجهود مصر التى أسهمت فى التوصل إلى اتفاق وقف الحرب فى القطاع وعقد قمة شرم الشيخ للسلام. وتظهر هذه الإشادة بوضوح أن بريطانيا تعتبر التحركات المصرية المسار العملى الأكثر جدوى لإنهاء التصعيد وتثبيت وقف إطلاق النار.
كما أكدت القاهرة رفضها القاطع أى محاولات لتصفية القضية الفلسطينية أو تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم، وهى نقطة مبدئية تحظى باهتمام وتفهم بريطانى، خاصة مع دعوة لندن المستمرة لضرورة إدخال المساعدات الإنسانية بكميات كافية لأهالى القطاع.
إن التوافق المصرى- البريطانى على أهمية البناء على الزخم المصاحب لقرارات مجلس الأمن من أجل تثبيت الهدنة وضمان تدفق الإغاثة يمثل أساسًا متينًا للتحرك المستقبلى.
ولا يقتصر الدور المصرى على الملف الفلسطينى، بل يمتد ليشمل أزمات المنطقة الأخرى، وعلى رأسها الأوضاع فى السودان. وتشترك القاهرة ولندن فى القلق العميق من استمرار حالة الاقتتال بالسودان وتأثيرها المباشر على الأمن الإقليمى.
وخلال الاتصال الثنائى الأخير، أكد السيسى وستارمر أهمية تكثيف الجهود من أجل وقف الحرب وتحقيق الاستقرار فى السودان، كما اتفق الجانبان على تعزيز التنسيق بينهما حرصًا على تحقيق التهدئة والاستقرار فى المنطقة.
وتشير هذه التوافقات إلى أن لندن ترى فى الرؤية المصرية، التى تنطلق من مبدأ الجوار المباشر والفهم العميق للتركيبة السودانية، الرؤية الأقرب لتحقيق تهدئة فعّالة تمنع تدهور الأوضاع إلى سيناريوهات أكثر خطورة. هذا التنسيق المباشر يعكس إيمانًا بريطانيا بأن الأمن المصرى جزء لا يتجزأ من الأمن الإقليمى، وأن مساعى القاهرة هى صمام الأمان لمنع تفكك الدول المجاورة.
إن التأييد البريطانى للرؤية المصرية فى استعادة الهدوء لا ينبع فقط من ضرورة الأزمة الراهنة، بل من علاقات ثنائية متنامية.
وتشهد العلاقات المصرية- البريطانية تطورًا ملحوظًا فى مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والاستثمارية، حيث يسعى البلدان إلى مواصلة الارتقاء بمختلف جوانب هذه العلاقات، بما يحقق المصلحة المشتركة.
إن هذه الشراكة الاستراتيجية توفر أساسًا راسخًا للتعاون السياسى، فالدعم البريطانى ليس مجرد تأييد لفظى، بل نتاج لقناعة بأن مصر، بقيادتها الحكيمة، تمتلك الأدوات والخبرة والدبلوماسية اللازمة لتحقيق التوازن والاستقرار.
كما أن الدور المصرى فى محاربة الإرهاب والتطرف ينظر إليه فى لندن كعنصر حاسم لاستقرار منطقة جنوب المتوسط برمتها. ويمثل تأييد بريطانيا للرؤية المصرية فى عودة الهدوء للمنطقة نقطة تحول إيجابية فى الدبلوماسية الدولية تجاه قضايا الشرق الأوسط.
هذا الدعم يعزز من مكانة مصر كقوة إقليمية لا غنى عنها فى معادلة الأمن والاستقرار، ويرسخ مبدأ أن الحلول المستدامة يجب أن تنبع من الإقليم نفسه، بالتعاون مع شركاء دوليين واعين ومتفهمين طبيعة التحديات.
وبينما تتفق القاهرة ولندن على ضرورة الانتقال من مجرد احتواء الصراعات إلى معالجة أسبابها الجذرية، فإن التنسيق المشترك يظل الطريق الأمثل لضمان مستقبل أكثر هدوءًا وازدهارًا للمنطقة.










0 تعليق