شهدت منطقة الفسطاط في القاهرة تحولًا تاريخيًا ضخمًا في السنوات الأخيرة، حيث تم تحويل إحدى المناطق العشوائية المهملة إلى واحدة من أروع الحدائق التراثية في منطقة الشرق الأوسط.
حديقة الفسطاط التي كانت سابقًا تمثل صورة من صور الإهمال والعشوائية، أصبحت اليوم نموذجًا حيًا للنجاح في إعادة تطوير الأماكن العامة، هذا التحول هو جزء من الجهود الكبيرة التي تبذلها الدولة لتطوير المناطق العشوائية وتحويلها إلى مشروعات تنموية مبتكرة.
الرئيس السيسي: وعد وأوفى
منذ عدة سنوات، تحدث الرئيس عبد الفتاح السيسي عن خطط الدولة لتحويل العشوائيات في مصر إلى مناطق حضارية تليق بمواطنيها. في تصريحات سابقة له، أكد السيسي على ضرورة القضاء على ظاهرة العشوائيات التي كانت منتشرة في معظم أنحاء الجمهورية، قائلاً:"بيعارنونا بفقرنا وبالعشوائيات.. بس أنا والله ما هسكت
وتابع الرئيس السسيسي:50% من مساحة مصر كانت عشوائيات، يعتبر نص البلد عشوائيات وتيجوا تتكلموا عن العدالة الاجتماعية؟!"
وقد أضاف في أكثر من مناسبة:"بيصورونا في مصر ويقولّوا شوفوا ..فين الحكومة، مش هنسيب أطفالنا يطلعوا يلاقوا نفسهم في العشوائيات، والله لأحل المشاكل دي ونخلي العشوائيات دي تليق بمصر والمصريين."
هذه التصريحات شكلت الأساس لإطلاق العديد من المشروعات الكبرى التي تهدف إلى القضاء على العشوائيات في مصر، ومن أبرز هذه المشروعات كان تحويل حديقة الفسطاط إلى واحد من أروع المشاريع التراثية والبيئية في قلب القاهرة.
حديقة الفسطاط: من إهمال إلى إبداع
كانت منطقة الفسطاط سابقًا تُعتبر أحد بؤر الإهمال في القاهرة، وتعرضت لتدهور كبير نتيجة افتقارها إلى التخطيط الحضري السليم، حيث كانت مليئة بالعشوائيات والمخلفات، ولكن مع بدء العمل في مشروع تطوير الحديقة، بدأت ملامح التغيير تظهر بشكل واضح.
في الوقت الحالي، تم الانتهاء من أكثر من 80% من مشروع حدائق الفسطاط، والتي تمتد على مساحة ضخمة تتجاوز عدة كيلومترات. يشمل المشروع العديد من المرافق الترفيهية والثقافية والخدمية، بالإضافة إلى مساحات خضراء واسعة من شأنها أن تُضفي جمالًا وحيوية على المنطقة، لتتحول الفسطاط من منطقة عشوائية إلى "درة خضراء" في قلب القاهرة التاريخية.
المساحات الخضراء: 75% من المشروع
تعتبر المساحات الخضراء في مشروع حدائق الفسطاط من أبرز ملامح المشروع، حيث تقدر هذه المساحات بحوالي 75% من إجمالي المساحة التي يتم العمل على تطويرها.
هذا الارتفاع الكبير في المساحات الخضراء يعني أن الحديقة ستكون واحدة من أكبر المساحات الخضراء المفتوحة في منطقة القاهرة الكبرى. ومن المتوقع أن تصبح هذه الحديقة واحدة من أبرز الوجهات الترفيهية والسياحية في مصر، خاصة وأنها ستضم نباتات نادرة ومميزة تم جمعها من مختلف أنحاء الجمهورية.
البنية التحتية للمشروع
مشروع حدائق الفسطاط لا يقتصر على المساحات الخضراء فقط، بل يشمل أيضًا العديد من المرافق الأساسية والترفيهية التي ستكون إضافة حقيقية للمنطقة. ومن أبرز ملامح المشروع:
المدخل الرئيسي: يبدأ المشروع من ساحة مسجد عمرو بن العاص، وهو واحد من أقدم المساجد في مصر، والذي يمثل المدخل الرئيسي للمشروع. يمثل هذا المدخل نقطة اتصال هامة بين التاريخ الإسلامي والمعمار الحديث في المشروع.
مجرى مائي صناعي: يشمل المشروع مجرى مائي صناعي يبدأ من بحيرة عين الصيرة ويصل إلى مسجد عمرو بن العاص. هذا المجرى يضيف جمالية للحديقة كما يوفر بيئة طبيعية تساعد في تحسين المناخ المحلي.
أسواق ومناطق حرفية: يحتوي المشروع على مناطق مخصصة لعرض الحرف اليدوية والصناعات التقليدية المصرية، كما سيكون هناك أسواق لبيع المنتجات المحلية، وهو ما يساهم في دعم الاقتصاد المحلي وخلق فرص عمل.
منطقة تراثية وثقافية: سيتم تخصيص منطقة خاصة تضم نباتات نادرة تم جمعها من مناطق مختلفة في مصر، بالإضافة إلى مناطق ثقافية تعرض التاريخ المصري وتساهم في تعزيز الوعي الثقافي لدى الزوار.
حديقة الفسطاط: وجهة سياحية جديدة
من المتوقع أن تكون حدائق الفسطاط واحدة من أكبر الوجهات السياحية في القاهرة. موقعها المتميز في قلب المدينة التاريخية يجعلها مكانًا مثاليًا للاستمتاع بجمال الطبيعة وتاريخ مصر العريق. كما أن المشروع يتضمن مكونات سياحية متنوعة مثل مباني فندقية، مما يساهم في جذب السياح من داخل وخارج مصر.
ويستهدف المشروع بشكل خاص زيادة نسبة السياحة البيئية والثقافية، حيث يتيح للزوار فرصة الاستمتاع بمساحات خضراء واسعة، مع التعرف على التاريخ الثقافي لمصر.
جهود الدولة في تطوير العشوائيات
مشروع حدائق الفسطاط هو جزء من الجهود المستمرة التي تقوم بها الحكومة المصرية لتطوير المناطق العشوائية وتحويلها إلى مناطق حضارية. وتستمر الدولة في تنفيذ العديد من المشروعات المماثلة في مختلف أنحاء الجمهورية بهدف تحسين جودة الحياة للمواطنين وتوفير بيئة سكنية ملائمة.
وفي إطار هذه الجهود، تم تطوير العديد من المناطق العشوائية الأخرى مثل مشروع تطوير مثلث ماسبيرو ومدينة الجلود، كما تم العمل على إنشاء العديد من المجتمعات العمرانية الجديدة التي توفر حياة كريمة للمواطنين.














0 تعليق