حالة مختلفة وعجيبة ومدهشة هي التي وضعنا فيها افتتاح المتحف المصري الكبير، فمنذ افتتاحه وتلك الهالة حوله لم تبهت، لا زال الجميع يتحدثون عنه بكل الفخر والاعتزاز، ولا زال إثر افتتاحه حيا.. ليس للمصريين وحدهم وإنما عبر قطاعات عريضة من شعوب العالم أجمع..
والحقيقة أنا بدعوة كريمة من سعادة السفير المصري في قطر وليد الفقي حضرت الاحتفالية التي نظمتها السفارة المصرية بالتعاون مع حي كتارا، وشاهدت ومعي العشرات احتفالية المتحف الكبير التي عرضت على شاشة عملاقة وضعتنا في قلب الحدث مباشرة، ولهذا أقول إن افتتاح المتحف المصري الكبير أهم فعاليات القرن.
ربما كان الأثر المهم في الافتتاح هو تلك الحالة التي صنعها أبناء مصر وانتقلت للمشاهير في دول العالم المختلفة، وهي تصوير أنفسهم بزي فرعوني مثل ملوك وملكات الحضارة المصرية القديمة، فنجوم العالم من مشاهير كرة القدم ومشاهير هوليوود والمشاهير في مجالات أخرى، لم يتركوا الأمر وراحوا ينشرون صورا بالزي الفرعوني على غرار أبناء المحروسة، وراح البعض يتساءل، وهذا التساؤل هو الأهم لأنه يؤدي للمعرفة، وهذه المعرفة هي التي نحاول تصديرها في كل وقت..
ما فعله المتحف الكبير هو أنه أعاد إنتاج الحضارة المصرية القديمة وبشكل عصري جدا، وحققت مصر استفادة لا تقدر بثمن من السوشيال ميديا بأشكالها المختلفة، وبدعاية اشترك فيها الشعب المصري كله، وهذه هي اللعبة، فهذه الدعاية صدرها الشعب لجموع العالم؛ فشاركوا فيها ورسموا صورهم مزينة بلباس الملوك القدماء في أبهى صورة..
أن توضع التماثيل القديمة بطريقة مدروسة وأن تصف مقتنيات الملك الصغير بهذا الشكل والعرض وأن يقدم كل شيء بإطار ورؤية تتوافق مع متطلبات العصر، كل هذا سيجعل المتحف المصري الكبير رافدا مهما وحيويا من روافد السياحة في مصر..
والحقيقة تابعت – مثل الجميع – ما كتبه الكثيرون أن افتتاح المتحف المصري الكبير هالة سوف تخفت، لكن ما رأيناه من صور راحت تترى أن الأمر ليس لحظيا والمصريين بجموعهم وقفوا صفا واحدا مؤثرا وجميلا مع مصرهم، راحوا يشاهدون أجدادهم وهم يقفون بشموخ مؤكدين على حضارة مصرية عظيمة لم تفك ربع طلاسمها وألغازها حتى الآن، ولن تفك بسهولة، فما تركه الأجداد تعجر عن معرفته عقول العالم كله، كيف بني الهرم، كيف صقلت التماثيل، كيف رفعت المعابد، كيف رسمت الجداريات، كيف تم التصوير بكل هذه الروعة، ما هو سر التحنيط والألوان التي لا تبهت والآلات المستخدمة في النحت؟، كل هذه أمور عجز العلم الحديث بكل وسائله في معرفتها..
المتحف الكبير بدأ أيقونة مصرية عظيمة أثبتت أن مصر التي هي مهد الحضارة لا يمكن أن تطوى، البلد التي علمت العالم وعرفت أول لغة مكتوبة وعرفت كل تلك الأسرار التي لهث العالم خلف معرفتها لا يمكن أن تضام، وفي كل مرة نرفع رؤوسنا بفخر، ونقلها عالية ليسمعها الجميع، نحن نفخر ببلادنا، ونفخر بكل حجر فيها، بكل مسجد وكنيسة ومعبد، نفخر بأن يعيد المتحف المصري الكبير كل تلك الرؤى مرة أخرى، وأن يعرف العالم كله من هي مصر، نشكر كل من ساهم وتعب وكان له كلمة في افتتاح المتحف المصري الكبير الذي أكد أنه أثر عظيم، لا يمكن أن يزول.















0 تعليق