حكاية مأساوية لواقع مُربك

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

الأحد 16/نوفمبر/2025 - 09:58 ص 11/16/2025 9:58:03 AM

فيلم «حدث ذات مرة فى غزة» من إخراج الأخوين طرزان وعرب ناصر، والذى يعرض فى قسم المسابقة الرسمية بمهرجان القاهرة فى دورته الـ46 بالإضافة إلى حصوله على جائزة أفضل إخراج من مهرجان كان قسم «نظرة ما»، حيث يغوص الفيلم فى تعقيدات الحياة اليومية فى غزة بعيدًا عن الطرح السياسى المباشر، مقدمًا مزيجًا من الدراما والجريمة والكوميديا السوداء.

على الرغم من المعاصرة الواضحة للعنوان - ومقتطف افتتاحى من تصريحات دونالد ترامب حول تحويل غزة إلى ريفيرا- فإن الفيلم الذى تدور أحداثه فى غزة، ولكن صُور فى الأردن هو فى الواقع عمل درامى تاريخى ينقسم إلى جزأين رئيسيين، حيث يقع الجزء الأول فى عام  2007 ويتبع أسامة/ مجد عيد الذى نلتقى به وهو يحاول إقناع طبيبه بوصف أدوية لا يحتاجها ثم يسرق خلسة دفتر روشتات الطبيب بعد ختمها حتى يستطيع صرف هذه الأدوية التى تعتبر فى قائمة المخدرات، أسامة تاجر مخدرات يبيع الأقراص المخفية داخل كرات الفلافل التى يصنعها يحيى/ نادر عبدالحى. هذان الرجلان- يحيى وأسامة- قد التقيا فى تاكسى الأخير الذى يعمل سائقًا ويوزع الأقراص المخدرة وتنشأ صداقة وطيدة بينهما ناتجة عن تشابه الحياة اليومية بين مواطنى غزة من مواجهة العزل مثلما يتعرض له يحيى من عدم تمكنه من التحرك لمسافة قصيرة لملاقاة والدته أو حضور خطبة شقيقته ولأسباب عديدة يواجهها أبناء غزة. 
بعد عام أو عامين، وفى مسار يبدو فى البداية كقصة منفصلة، يتواصل مدير وزارة الثقافة التابعة لحركة حماس فى القطاع مع يحيى، حيث يريد هذا الرجل إشراكه فى أول فيلم أكشن يُصنع فى غزة، حيث تبدو آفاق صناعة السينما الغزية التى أطلق عليها إحدى الشخصيات اسم غزاوى، ويرجع ذلك جزئيًا إلى الضوضاء الناتجة عن مشاهد العنف فى موقع التصوير وهذا المفهوم يعطيك فكرة عن حس الدعابة المظلم للغاية، والذى يقع فى مكان ما بين كونتين ترانتينو وكوانتين دوبيو من حيث السخرية والانتقام الدموى، حيث يرجع هذا الرابط برغبة يحيى فى تصفية الحسابات مع شرطى/ رمزى مقدسى كان قد ظلم أسامة بل وأطلق عليه الرصاص فى أثناء اختباء يحيى داخل خزانة المطبخ التابع لمطعم الفلافل.
من الناحية الهيكلية، فان فيلم «حدث ذات مرة فى غزة» يبدو إلى حد ما أن الجزأين غير مترابطين جيدًا، لكن الطبيعة المتعرجة وغير المتوقعة للسرد تتناغم مع موضوع الفيلم وبيئته، فهو ليس فيلمًا عن الرمز بل هو محاولة لرواية قصص الإنسان كإنسان، يصر المخرجان على تقديم شخصيات غير مثالية تناضل من أجل البقاء، وتواجه الفساد والقمع بأسلوب جرىء وفنى يسلط الضوء على الخيارات المعدومة والمسارات الصعبة التى يضطر الناس لسلوكها فى ظل الحصار. مؤكدًا أن الصمود يكمن فى محاولات الحياة والإبداع والمقاومة اليومية حتى لو كانت مُغلفة بالمرارة والسخرية.

ads
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق